قال: إنما أنا رجل عالم بمباعث الأنبياء.
قال: فأخبرني عن قول الله لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون: (لعله يتذكر أو يخشى) (1) ولعل منك شك؟
قال: نعم.
قال: وكذلك من الله شك إذ قال: (لعله)؟
قال أبو حنيفة: لا علم لي.
قال عليه السلام: تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه، وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس إبليس لعنه الله ولم يبن دين الإسلام على القياس، وتزعم أنك صاحب رأي وكان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وآله صوابا، ومن دونه خطأ، لأن الله تعالى قال:
(فاحكم بينهم بما أراك الله) (2) ولم يقل ذلك لغيره، وتزعم أنك صاحب حدود، ومن أنزلت عليه أولى بعلمها منك، وتزعم أنك عالم بمباعث الأنبياء، ولخاتم الأنبياء أعلم بمباعثهم منك، لولا أن يقال: دخل على ابن رسول الله فلم يسأله عن شئ ما سألتك عن شئ، فقس إن كنت مقيسا.
قال أبو حنيفة: لا أتكلم بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس.
قال: كلا إن حب الرياسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك تمام الخبر.
وعن عيسى بن عبد الله القرشي (3) قال. دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا حنيفة قد بلغني أنك تقيس!
فقال: نعم.
فقال: لا تقس فإن أول من قاس إبليس لعنه الله حين قال: خلقتني من نار وخلقته من طين، فقاس بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار وعرف