ما كفناهم، ولا صلينا عليهم، ولا قبرناهم، ولقد بلغني وقيعتك في علي وقيامك ببغضنا، واعتراضك بني هاشم بالعيوب، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك، ثم سلها الحق عليها ولها، فإن لم تجدها أعظم عيبا فما أصغر عيبك فيك، وقد ظلمناك يا معاوية فلا توترن غير قوسك، ولا ترمين غير غرضك، ولا ترمنا بالعداوة من مكان قريب، فإنك والله لقد أطعت فينا رجلا ما قدم إسلامه، ولا حدث نفاقه، ولا نظر لك فانظر لنفسك أو دع - يعني: (عمرو بن العاص).
وقال عليه السلام - في جواب كتاب كتب إليه معاوية على طريق الإحتجاج -:
أما بعد: فقد بلغني كتابك أنه بلغك عني أمور أن بي عنها غنى، وزعمت أني راغب فيها، وأنا بغيرها عنك جدير، أما ما رقى إليك عني فإنه رقاه إليك الملاقون المشاؤن بالنمائم المفرقون بين الجمع، كذب الساعون الواشون ما أردت حربك ولا خلافا عليك وأيم الله إني لأخاف الله عز ذكره في ترك ذلك، وما أظن الله تبارك وتعالى براض عني بتركه، ولا عاذري بدون الاعتذار إليه فيك، وفي أولئك القاسطين الملبين حزب الظالمين، بل أولياء الشيطان الرجيم، ألست قاتل حجر بن عدي أخي كندة وأصحابه الصالحين المطيعين العابدين، كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون المنكر والبدع، ويؤثرون حكم الكتاب، ولا يخافون في الله لومة لائم، فقتلتهم ظلما وعدوانا، بعدما كنت أعطيتهم الإيمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة، لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بأحنة تجدها في صدرك عليهم، أو لست قاتل عمرو ابن الحمق صاحب رسول الله، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فصفرت لونه، ونحلت جسمه، بعد أن أمنته وأعطيته من عهود الله عز وجل وميثاقه ما لو أعطيته العصم ففهمته لنزلت إليك من شعف الجبال، ثم قتلته جرأة على الله عز وجل، واستخفافا بذلك العهد، أو لست المدعي زياد بن سمية، المولود على فراش عبيد عبد ثقيف، فزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فتركت سنة رسول الله واتبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على أهل العراق فقطع أيدي المسلمين وأرجلهم وسمل أعينهم، وصلبهم على جذوع النخل