يفزعون إليه، ومستعبد، فاستعبد عباده بالقول، والعلم، والعمل، والتوجه، ونحو ذلك، استعبدهم بتوجيه الصلاة إلى الكعبة، ووجه إليها الحج والعمرة، واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع، ببسط الأيدي ورفعها إلى السماء لحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له.
قال أبو قرة: فمن أقرب إلى الله الملائكة أو أهل الأرض؟
قال أبو الحسن عليه السلام: إن كنت تقول بالشبر والذراع، فإن الأشياء كلها باب واحد هي فعله لا يشتغل ببعضها عن بعض، يدبر أعلى الخلق من حيث يدبر أسفله، ويدبر أوله من حيث يدبر آخره، من غير عناء، ولا كلفة، ولا مؤنة، ولا مشاورة، ولا نصب، وإن كنت تقول من أقرب إليه في الوسيلة، فأطوعهم له وأنتم تروون أن أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد، ورويتم أن أربعة أملاك التقوا أحدهم من أعلى الخلق، واحدهم من أسفل الخلق، واحدهم من شرق الخلق، وأحدهم من غرب الخلق فسأل بعضهم بعضا فكلهم قال: (من عند الله) أرسلني بكذا وكذا، ففي هذا دليل على أن ذلك في المنزلة دون التشبيه والتمثيل.
فقال أبو قرة: أتقر أن الله محمول؟
فقال أبو الحسن: كل محمول مفعول، ومضاف إلى غيره محتاج، فالمحمول اسم نقص في اللفظ، والحامل فاعل وهو فاعل وهو في اللفظ ممدوح، وكذلك قول القائل:
فوق، وتحت، وأعلى، وأسفل، وقد قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) (1) ولم يقل في شئ من كتبه أنه محمول، بل هو الحامل في البر والبحر، والممسك للسماوات والأرض، والمحمول ما سوى الله، ولم نسمع أحدا آمن بالله وعظمه قط قال في دعائه: (يا محمول).
قال أبو قرة: أفتكذب بالرواية: أن الله إذا غضب يعرف غضبه الملائكة الذين يحملون العرش، يجدون ثقله في كواهلهم فيخرون سجدا، فإذا ذهب الغضب خف فرجعوا إلى مواقفهم؟