فقال أبو جعفر مؤمن الطاق: إن تركها ميراثا لولده وأزواجه فإنه قبض عن تسع نسوة، وإنما لعايشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا البيت الذي دفن فيه صاحبك، ولا يصيبها من البيت ذراع في ذراع، وإن كان صدقة فالبلية أطم وأعظم فإنه لم يصب من البيت إلا ما لأدنى رجل من المسلمين، فدخول بيت النبي صلى الله عليه وآله بغير إذنه في حياته وبعد وفاته معصية إلا لعلي بن أبي طالب عليه السلام وولده، فإن الله أحل لهم ما أحل للنبي صلى الله عليه وآله، ثم قال لهم: إنكم تعلمون أن النبي، أمر بسد أبواب جميع الناس التي كانت مشرعة إلى المسجد ما خلا باب علي عليه السلام، فسأله أبو بكر أن يترك له كوة لينظر منها إلى رسول الله فأبى عليه، وغضب عمه العباس من ذلك فخطب النبي صلى الله عليه وآله خطبة وقال:
إن الله تبارك وتعالى أمر لموسى وهارون أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب، ولا يقرب فيه النساء إلا موسى وهارون وذريتهما، وأن عليا هو بمنزلة هارون من موسى، وذريته كذرية هارون، ولا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا يبيت فيه جنب إلا علي وذريته عليهم السلام.
فقالوا بأجمعهم: كذلك كان.
قال أبو جعفر: ذهب ربع دينك يا بن أبي حذرة، وهذه منقبة لصاحبي ليس لأحد مثلها، ومثلبة لصاحبك، وأما قولك: (ثاني اثنين إذ هما في الغار) أخبرني هل أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين في غير الغار؟
قال ابن أبي حذرة: نعم.
قال أبو جعفر: فقد خرج صاحبك في الغار من السكينة، وخصه بالحزن ومكان علي في هذه الليلة على فراش النبي صلى الله عليه وآله، وبذل مهجته دونه أفضل من مكان صاحبك في الغار.
فقال الناس: صدقت.
فقال أبو جعفر: يا بن أبي حذرة ذهب نصف دينك، وأما قولك ثاني اثنين