ولا يستكبرون عن أمر ربهم، فما أجابه منهم إلا الحواريون، وقد جعل الله للعلم أهلا، وفرض على العباد طاعتهم بقوله: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، وبقوله: ولو ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم، وبقوله: اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، وبقوله: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، وأتوا البيوت من أبوابها، والبيوت هي: بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء، وأبوابها أوصيائهم، فكل من عمل من أعمال الخير فجرى على غير أيدي أهل الاصطفاء، وعهودهم، وشرائعهم، وسننهم، ومعالم دينهم، مردود وغير مقبول، وأهله بمحل كفر، وإن شملتهم صفة الإيمان، ألم تسمع إلى قوله تعالى: وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون، فمن لم يهتد من أهل الإيمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه بالله مع دفع حق أوليائه، وهبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين، وكذلك قال الله سبحانه: فلم يك ينفعهم أيمانهم لما رأوا بأسنا، وهذا كثير في كتاب الله عز وجل، والهداية هي: الولاية كما قال الله عز وجل: ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون، والذين آمنوا في هذا الموضع هم: المؤتمنون على الخلائق من الحجج، والأوصياء في عصر بعد عصر، وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا إن المنافقين كانوا يشهدون: أن لا إلا إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويدفعون عهد رسول الله بما عهد به: من دين الله، وعزائمه، وبراهين نبوته، إلى وصيه ويضمرون من الكراهة لذلك، والنقض لما أبرمه منه عند إمكان الأمر لهم، فيما قد بينه الله لنبيه بقوله: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكمونك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " وبقوله: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " ومثل قوله: " لتركبن طبقا عن طبق " أي: لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم: في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء، وهذا كثير في كتاب الله عز وجل، وقد شق على النبي ما يؤول إليه
(٣٦٩)