فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه، فقال: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه - فأجاب صلى الله عليه وآله مجيبا عنه وعن أمته - والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " (1) فقال جل ذكره لهم الجنة والمغفرة على أن فعلوا ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما إذا فعلت ذلك بنا، فغفرانك ربنا وإليك المصير، يعني المرجع في الآخرة، قال: فأجابه الله عز وجل قد فعلت ذلك بك وبأمتك، ثم قال عز وجل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمتك حق علي أن أرفعها عن أمتك وقال: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت - من خير - وعليها ما اكتسبت " (2) من شر فقال النبي صلى الله عليه وآله - لما سمع ذلك -: أما إذا فعلت ذلك بي وبأمتي فزدني قال: سل، قال: " ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا " (3) قال الله عز وجل لست أؤاخذ أمتك بالنسيان والخطأ لكرامتك علي، وكانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد دفعت ذلك عن أمتك وكانت الأمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه، وقد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي، فقال صلى الله عليه وآله: " اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني " قال الله تبارك وتعالى له:
سل، قال: " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " (4) يعني بالأصر: الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا، فأجابه الله عز وجل إلى ذلك، وقال تبارك اسمه: قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الأرض كلها لأمتك مسجدا وطهورا، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمتك، وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء لأمتك طهورا، فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، وكانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا، ومن لم