قد حجبوا من السماوات كلها، ورموا بالشهب، دلالة (1) لنبوته صلى الله عليه وآله.
قال له اليهودي: فإن عيسى عليه السلام يزعمون أنه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله؟
فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من ذلك: أبرأ ذا العاهة من عاهته، بينما هو جالس صلى الله عليه وآله إذ سأل عن رجل من أصحابه فقالوا: يا رسول الله إنه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ الذي لا ريش عليه، فأتاه صلى الله عليه وآله فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء، فقال له: قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟ قال: نعم كنت أقول: " يا رب أيما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فعجلها لي في الدنيا " فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ألا قلت: " اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " فقالها الرجل فكأنما نشط من عقال، وقام صحيحا وخرج معنا، ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطع من الجذام فشكا إليه صلى الله عليه وآله، فأخذ قدحا من ماء فتفل عليه، ثم قال: امسح به جسدك ففعل فبرأ حتى لم يوجد عليه شئ، ولقد أتي النبي بأعرابي أبرص فتفل صلى الله عليه وآله من فيه عليه فما قام من عنده إلا صحيحا، ولئن زعمت أن عيسى أبرأ ذا العاهات من عاهاتهم، فإن محمدا صلى الله عليه وآله بينما هو في أصحابه إذ هو بامرأة فقالت: يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام النبي صلى الله عليه وآله وقمنا معه فلما أتيناه قال له: جانب يا عدو الله ولي الله، فأنا رسول الله، فجانبه الشيطان فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنا، ولئن زعمت أن عيسى أبرأ العميان، فإن محمدا قد فعل ما هو أكبر من ذلك: إن قتادة بن ربيع كان رجلا صحيحا، فلما أن كان يوم أحد أصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته، (2) فأخذها بيده ثم أتى بها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن امرأتي الآن تبغضني، فأخذها رسول الله من يده ثم وضعها مكانها فلم تكن تعرف إلا بفضل حسنها وفضل ضوئها