على العين الأخرى، ولقد جرح عبد الله بن عبيد (1) وبانت يده يوم حنين، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فمسح عليه يده فلم تكن تعرف من اليد الأخرى، ولقد أصاب محمد ابن مسلم يوم كعب بن أشرف مثل ذلك في عينه ويده، فمسحه رسول الله صلى الله عليه وآله فلم تستبينا، ولقد أصاب عبد الله بن أنيس مثل ذلك في عينه، فمسحها فما عرفت من الأخرى، فهذه كلها دلالة لنبوته صلى الله عليه وآله.
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون: أنه أحيى الموتى بإذن الله؟
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد سبحت في يده تسع حصيات تسمع نغماتها في جمودها، ولا روح فيها لتمام حجة نبوته، ولقد كلمه الموتى من بعد موتهم، واستغاثوه مما خافوا تبعته، ولقد صلى بأصحابه ذات يوم فقال: ما هاهنا من بني النجار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنة بثلاثة دراهم لفلان اليهودي، وكان شهيدا، ولئن زعمت أن عيسى كلم الموتى فلقد كان لمحمد ما هو أعجب من هذا: إن النبي لما نزل بالطايف وحاصر أهلها، بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطلية بسم، فنطق الذراع منها فقالت: يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة فلو كلمته البهيمة وهي حية لكانت من أعظم حجج الله على المنكرين لنبوته، فكيف وقد كلمته من بعد ذبح وسلخ وشي (2)! ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو بالشجرة فتجيبه، وتكلمه البهيمة، وتكلمه السباع، وتشهد له بالنبوة، وتحذرهم عصيانه، فهذا أكثر مما أعطي عيسى عليه السلام.
قال له اليهودي: إن عيسى يزعمون أنه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم؟
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد كان له أكثر من هذا: إن عيسى أنبأ قومه بما كان من وراء الحايط ومحمد أنبأ عن مؤتة (3) وهو عنها غائب ووصف