ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى سالت دموعه، ثم قال: يا علي الصبر الصبر حتى ينزل الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن لك من الأجر في كل يوم ما لا يحصيه كاتباك، فإذا أمكنك الأمر: فالسيف السيف، القتل القتل، حتى يفيئوا إلى أمر الله، وأمر رسوله، فإنك على الحق ومن ناواك على الباطل، وكذلك ذريتك من بعدك إلى يوم القيامة.
وعن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد بعد أن صلى الفجر، ثم نهض ونهضت معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يتجه إلى موضع أعلمني بذلك، وكان إذا أبطأ في ذلك الموضع صرت إليه لأعرف خبره، لأنه لا يتصابر قلبي على فراقه ساعة واحدة فقال لي: أنا متجه إلى بيت عائشة، فمضى صلى الله عليه وآله ومضيت إلى بيت فاطمة الزهراء عليها السلام فلم أزل مع الحسن والحسين فأنا وهي مسروران بهما، ثم إني نهضت وسرت إلى باب عائشة، فطرقت الباب فقالت: من هذا؟ فقلت لها: أنا علي فقالت: إن النبي راقد، فانصرفت، ثم قلت: النبي راقد وعائشة في الدار، فرجعت وطرقت الباب فقالت لي عائشة: من هذا؟ فقلت لها: أنا علي فقالت: إن النبي صلى الله عليه وآله على حاجة فانثنيت مستحييا من دق الباب، ووجدت في صدري ما لا أستطيع عليه صبرا، فرجعت مسرعا فدققت الباب دقا عنيفا، فقالت لي عائشة: من هذا؟ فقلت: أنا علي فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا عائشة افتحي له الباب، ففتحت ودخلت، فقال لي:
أقعد يا أبا الحسن أحدثك بما أنا فيه، أو تحدثني بإبطائك عني، فقلت يا رسول الله حدثني فإن حديثك أحسن، فقال: يا أبا الحسن كنت في أمر كتمته من ألم الجوع، فلما دخلت بيت عائشة، وأطلت القعود ليس عندها شئ تأتي به، فمددت يدي وسألت الله القريب المجيب، فهبط علي حبيبي جبرئيل عليه السلام ومعه هذا الطير ووضع إصبعه على طائر بين يديه، فقال: إن الله عز وجل أوحى إلي: أن آخذ هذا الطير وهو أطيب طعام في الجنة فآتيك به يا محمد، فحمدت الله عز وجل كثيرا، وعرج جبرئيل فرفعت يدي إلى السماء فقلت: " اللهم يسر عبدا يحبك ويحبني