له: " كان بعد أن لم يكن " فتجري عليه صفات المحدثات، ولا يكون بينه وبينها فصل، ولا له عليها فضل، فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ المبتدع والبديع (1) خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره (2) ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه أنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، وأرساها على غير قرار (3) وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الأود والاعوجاج، ومنعها من التهافت والانفراج (4) أرسى أوتادها، وضرب أسدادها، واستفاض عيونها، وخد أوديتها (5) فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواه، هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، والباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي على كل شئ منها بجلالته وعزته، لا يعجزه شئ منها طلبه، ولا يمتنع عليه فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه، خضعت الأشياء له، وظلت مستكينة لعظمته (6) لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره، فتمتنع من نفعه وضره، ولا كفؤ له فيكافئه (7) ولا نظير له فيساويه، هو المفني لها بعد وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها، وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها، وكيف! ولو اجتمع
(٣٠٣)