ولم يكن ذلك شكا وقد علم الله أن نبيه على الحق، قالوا: وهذه لك.
قال: وأما قولكم: " إني جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس " فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله قد جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة وقد كان من أحكم الناس وقد قال الله تعالى: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (1) " فتأسيت برسول الله صل الله عليه وآله، قالوا: وهذه لك بحجتنا.
قال: وأما قولكم: " إني حكمت في دين الله الرجال " فما حكمت الرجال وإنما حكمت كلام ربي، الذي جعله الله حكما بين أهله، وقد حكم الله الرجال في طائر فقال: " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم (2) " فدماء المسلمين أعظم من دم طائر قالوا: وهذه لك بحجتنا.
قال: وأما قولكم: " إني قسمت يوم البصرة لما ظفرني الله بأصحاب الجمل الكراع والسلاح ومنعتكم النساء والذرية " فإني مننت على أهل البصرة كما من رسول الله على أهل مكة، فإن عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم، ولم نأخذ صغيرا بكبير فأيكم كان يأخذ عائشة في سهمه؟ قالوا: وهذه لك بحجتنا.
قال: وأما قولكم: " إني كنت وصيا فضيعت الوصية فأنتم كفرتم وقدمتم علي، وأزلتم الأمر عني، وليس على الأوصياء الدعاء إلى أنفسهم، إنما يبعث الله الأنبياء عليهم السلام فيدعون إلى أنفسهم، وأما الوصي فمدلول عليه مستغن عن الدعاء إلى نفسه، وذلك لمن آمن بالله ورسوله، ولقد قال الله جل ذكره: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (3) " فلو ترك الناس الحج لم يكن البيت ليكفر بتركهم إياه، ولكن كانوا يكفرون بتركهم، لأن الله تعالى قد نصبه لهم علما وكذلك نصبني علما حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى وأنت مني بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي " فقالوا: وهذه لك بحجتنا.