(ومقصده) (1)، فذكر أن اسمه محمد بن عبد الله (2)، وأنه من أهل قم، وذكر أنه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحق ويتنقل في البلدان والسواحل، وأنه أوطن مكة والمدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الاخبار ويتبع الآثار.
فلما كان في سنة ثلاث وتسعين ومائتين طاف بالبيت ثم صار إلى مقام إبراهيم عليه السلام فركع فيه وغلبته عينه فأنبهه صوت دعاء لم يجر في سمعه مثله، قال: فتأملت الداعي فإذا هو شاب أسمر لم أر قط في حسن صورته واعتدال قامته، ثم صلى فخرج وسعى، فاتبعته وأوقع الله عز وجل في نفسي أنه صاحب الزمان عليه السلام.
فلما فرغ من سعيه قصد بعض الشعاب فقصدت أثره فلما قربت منه إذ أنا بأسود (3) مثل الفنيق (4) قد اعترضني فصاح بي بصوت لم أسمع أهول منه: ما تريد عافاك الله؟ فأرعدت ووقفت، وزال الشخص عن بصري وبقيت متحيرا.
فلما طال بي الوقوف والحيرة انصرفت ألوم نفسي وأعذلها بانصرافي (5) بزجرة الأسود، فخلوت بربي عز وجل أدعوه وأسأله بحق رسوله وآله عليهم السلام أن لا يخيب سعيي وأن يظهر لي ما يثبت بن قلبي ويزيد في بصري.
فلما كان بعد سنين زرت قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فبينا أنا (أصلي) (6) في الروضة التي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني فإذا محرك يحركني فاستيقظت فإذا أنا بالأسود فقال: ما خبرك؟ وكيف كنت؟ فقلت: الحمد الله (7) وأذمك فقال: لا تفعل فإني أمرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيرا كثيرا،