الفصل السابع عشر من أغلاطهم في الأحكام، وبدعهم في شريعة الإسلام فمن عجيب أمرهم: أنهم يسمعون كتاب الله تعالى يتلى عليهم، يتلقنه صغارهم، ويتداركه كبارهم، وفيه قوله جلت عظمته: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ (1) فيخبرهم أن الدين قد أكمله لهم، وأزاح فيه عللهم، ولا يكون كاملا إلا وقد نص لهم على جميع أحكامه، وعرفهم ما كلفهموه من حلاله وحرامه.
فيجحدون ذلك ويدعون أن أكثر الأحكام لم ينص عليها، وأن من وجوه الحلال والحرام شيئا لم يعرفهم الحق فيها، وأن القرآن والسنة اللذين أزيح بهما علل الأمة لم يشتملا على جميع أحكام الملة، وأنهم لم يأثروا عن النبي (صلى الله عليه وآله) من الصحيح إلا أربعة آلاف حديث لا تحيط بجميع الأحكام، ولا تحتوي على سائر الحلال والحرام، ويبلغهم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في المنبر آخر عمره: " اللهم هل بلغت " (2)؟ فيقولون: إنه لم يبلغهم جميع ما كلفهموه، ولا نص لهم على سائر