أبعث فيكم لبعث عمر " (١)، وأنه قال: " ما أبطأ علي جبرئيل إلا أني ظننت أنه قد بعث إلى عمر " (٢)، وفي رواية أخرى: " ما احتبس عني الوحي ثلاثا إلا ظننته قد نزل على عمر " (٣)، فأي كفر أعظم من هذا؟ وأي جهل أعجب منه؟! أليس عمر الذي شك في نفسه حتى سأل حذيفة بن اليمان، فقال له: أنا من المنافقين أم لا؟
وكيف يشك في نفسه ومنزلته منزلة من يظن به النبي (صلى الله عليه وآله) نزول الوحي عليه ويخاف أن ينتقل بنبوته إليه؟ وبعد، فقد قال الله تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (4)، فإن كانت روايتهم هذه صحيحة فإرساله نقمة على عمر بن الخطاب، لأنه حرمه أن يكون نبيا، إذ لو لم يبعث فيهم لبعث عمر، فيجب أن لا يكون في الأرض أشر على عمر بن الخطاب من النبي (صلى الله عليه وآله) يصرفه عن أن ينال أجل مرتبة، وأعلى مقام!
ومن عجيب كذبهم، وطريف افتعالهم: قولهم: إن شاعرا كان ينشد رسول الله (صلى الله عليه وآله) شعرا، فبينما ينشده إذ دخل عمر بن الخطاب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) للشاعر:
اسكت، فسكت، فلما خرج عمر قال للشاعر: عد، فعاد ينشده، فرجع عمر بن الخطاب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) للشاعر: اسكت، فسكت، حتى فعل ذلك ثلاث دفعات.
فلما خرج عمر قال الشاعر: يا رسول الله، من هذا الذي تأمرني بالإنشاد إذا خرج وتسكتني إذا دخل؟