ما احتاجوه، ولا أودع حفظة يكونون بعده يفزع إليهم فيه، وأن عدمهم النصوص في كثير من التكليف أحوجهم إلى أن عولوا على الظنون والآراء، واعتمدوا على الاستحسان والأهواء، وزعموا أنهم يستخرجون مراد الله تعالى من العياذ بالقياس على علل غير معلومات، والله تعالى يقول: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ (١)، فهم يقولون: إن لنا أن نحكم في الشريعة بما يوجبه قياسنا واجتهادنا مما ليس بمنزل ولا منصوص، ولو اجتهد الطاغوت في إبطال الحق، وإهلاك الخلق، ما قدر على أكثر من أن يحكم في الشرع بغير ما أنزل الله سبحانه، ويجعل ذلك دينا يتوارث ومذهبا يتناقل، ولذلك اختلفت كلمتهم، وتضادت أقوالهم، وتحير المسترشد منهم، وضاق الحق عنهم، ولتعذر إئتلافهم اعتقدوا أنهم على صواب في اختلافهم!
ومن العجب: أن الله تعالى ينهاهم عن الاختلاف في قوله: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا﴾ (٢)، ويعلمهم أن دينه غير مختلف في قوله تعالى: ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ (3)، وهم يعتقدون مع ذلك أن الاختلاف من دين الله، ويدعون على النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " اختلاف أمتي رحمة " (4)!
فمن العجب: أن يكون اختلافهم رحمة، ولا يكون اتفاقهم سخطا ونقمة!