التعجب - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٥٣
أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم جاء بعد ذلك إلى الحجاج فطرقه ليلا وقال: بيدك أبايعك لأمير المؤمنين عبد الملك، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " من مات وليس عليه بيعة إمام فموتته جاهلية " (1)، فأنكر عليه الحجاج ذلك مع كفره وعتوه، وقال له: بالأمس تقعد عن بيعة علي بن أبي طالب، وأنت اليوم تأتيني وتسألني عن بيعة عبد الملك بن مروان! يدي عنك مشتغلة، لكن هذه رجلي (2).
وأخبار كعب الأحبار الذي قام إليه أبو ذر (رحمه الله) فضربه بين يدي عثمان على رأسه بالمحجنة فشجه، وقال: يا بن اليهودية، متى كان مثلك يتكلم في الدين، فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك (3)؟
وأخبار عامر الشعبي الذي تخلف عن الحسين (عليه السلام) وخرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وقال له الحجاج: أنت المعين علينا، فقال: نعم، ما كنا فيها ببررة أتقياء، ولا فجرة أشقياء (4).
وهو الذي دخل بيت المال فسرق في خفه مائتي درهم.
فهؤلاء ومن يجري مجراهم، رواة القوم وثقاتهم، الذين يختارون أخبارهم على أخبار الإمام الصادق وآبائه وأتباعه صلوات الله عليهم، فالكفر منهم طويل، والتعجب منهم غير قليل!
ومن عجيب مغالطتهم، وظاهر جهلهم ومباطلتهم: قولهم: لو علمنا أنكم

(١) مسند أحمد بن حنبل: ٣ / ٤٤٦. المعجم الكبير ١٠ / ٣٥٠، وج ١٩ / ٣٣٥. السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٥٦. مجمع الزوائد: ٥ / ٢٢٣ و ٢٢٥. إتحاف السادة المتقين: ٦ / ١٢٢ و ٣٣٤ و ٣٣٥.
(٢) شرح نهج البلاغة: ١٣ / ١٦٧.
(٣) انظر: مروج الذهب: ٢ / ٣٤٩. شرح نهج البلاغة: ٣ / ٤١.
(٤) سير أعلام النبلاء: ٤ / 306 و 314. وفيات الأعيان: 2 / 39، وج 3 / 14.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 » »»
الفهرست