وأما شاهد القضاء في معنى الأمر فقوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) (١) يريد أمر ربك.
وأما شاهد القضاء في الإعلام فقوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل) (٢) يعني أعلمناهم ذلك وأخبرناهم به قبل كونه.
وأما شاهد القضاء بالفصل (٣) بالحكم بين الخلق فقوله تعالى: ﴿والله يقضي بالحق﴾ (٤) [يعني يفصل بالحكم] (٥) بالحق بين الخلق وقوله: ﴿وقضي بينهم بالحق﴾ (٦) يريد وحكم بينهم بالحق، وفصل بينهم بالحق.
وقد قيل إن للقضاء وجها خامسا وهو الفراغ من الأمر، واستشهد على ذلك بقول يوسف - عليه السلام -: ﴿قضي الأمر الذي فيه تستفتيان﴾ (٧) يعني فرغ منه ، وهذا يرجع إلى معنى الخلق، وإذا ثبت ما ذكرناه في أوجه القضاء بطل قول المجبرة أن الله تعالى قضى بالمعصية على خلقه، لأنه لا يخلو إما أن يكونوا يريدون به أن الله خلق العصيان في خلقه، فكان يجب أن يقولوا قضى في خلقه (٨) بالعصيان ولا يقولوا قضى عليهم، لأن الخلق فيهم لا عليهم، مع أن الله تعالى قد أكذب من زعم أنه خلق المعاصي (٩) لقوله (١٠) سبحانه: ﴿الذي أحسن كل شئ خلقه﴾ (11) فنفى عن خلقه القبح وأوجب له الحسن، والمعاصي قبائح بالاتفاق، ولا وجه لقولهم قضى بالمعاصي (12) على معنى أنه أمر بها، لأنه تعالى قد