ميلا عظيما) (١).
وقال: ﴿يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا﴾ (٢) فخبر سبحانه أنه لا يريد بعباده العسر، بل يريد بهم اليسر، وأنه يريد لهم البيان ولا يريد لهم الضلال، ويريد التخفيف عنهم ولا يريد التثقيل عليهم، فلو كان سبحانه مريدا لمعاصيهم لنافى ذلك إرادة البيان لهم والتخفيف عنهم واليسر لهم، وكتاب الله تعالى شاهد بضد ما ذهب إليه الضالون المفترون على الله الكذب ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
فأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا﴾ (٣) فليس للمجبرة به تعلق ولا فيه حجة من قبل أن المعنى فيه أن من أراد الله تعالى أن ينعمه ويثيبه جزاء على طاعته شرح صدره للاسلام بالألطاف التي يحبوه بها، فييسر له بها استدامة أعمال الطاعات، والهداية في هذا الموضع هي النعيم (٤).
قال الله تعالى فيما خبر به عن أهل الجنة: ﴿الحمد لله الذي هدانا لهذا﴾ (٥) الآية، أي: نعمنا به وأثابنا إياه، والضلال في هذه الآية هو العذاب قال الله تعالى: ﴿إن المجرمين في ضلال وسعر﴾ (6) فسمى الله تعالى العذاب ضلالا والنعيم هداية، والأصل في ذلك أن الضلال هو الهلاك والهداية هي النجاة.