بعد أن لم تكن فهي معلومة له فيما لم يزل، وإنما يوصف منها بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره، ولا في غالب الظن وقوعه، فأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله، فلا يستعمل فيه لفظ البداء.
وقول أبي عبد الله - عليه السلام - (١): (ما بدا لله في شئ كما بدا له في إسماعيل)، فإنما أراد به ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه وقد كان مخوفا عليه من ذلك مظنونا به، فلطف له في دفعه عنه.
وقد جاء الخبر بذلك عن الصادق - عليه السلام - فروي عنه أنه قال: (كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه) وقد يكون الشئ مكتوبا بشرط فيتغير الحال فيه.
قال الله تعالى: ﴿ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده﴾ (٢).
فتبين أن الآجال على ضربين: ضرب منها مشترط يصح فيه الزيادة والنقصان، ألا ترى إلى قوله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) (٣). وقوله تعالى: ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ (4) فبين أن آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبر والانقطاع بالفسوق.
وقال تعالى [فيما خبر به] (5) عن نوح في خطابه لقومه: (استغفروا ربكم