الكلام في معنى القضاء والقدر.
هذا إن سلمنا (1) الأخبار التي رواها (2) أبو جعفر - رحمه الله.
فأما إن بطلت أو اختل سندها فقد سقط عنا (3) عهدة الكلام فيها.
والحديث الذي رواه عن زرارة حديث صحيح من بين ما روى، والمعنى فيه ظاهر ليس به على العقلاء خفاء، وهو مؤيد للقول بالعدل (4) ودال على فساد القول بالجبر، ألا ترى إلى ما رواه عن أبي عبد الله - عليه السلام - (5) من قوله:
(إذا حشر الله تعالى الخلائق سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم ) وقد نطق القرآن بأن الخلق مسؤولون عن أعمالهم (6)، فلو كانت أعمالهم [بقضاء الله] (7) تعالى لما سألهم عنها، فدل على أن قضاء الله تعالى ما خلقه من ذوات العباد وفيهم وأنه تعالى لا يسألهم إلا عن أعمالهم التي عهد إليهم فيها، فأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها، وهذا الحديث موضح لمعنى القضاء والقدر فلا وجه [للقول حينئذ بأنه] (8) لا معنى للقضاء والقدر معقول ، إذ كان بينا حسبما ذكرناه.