خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتى يكسوه (1)، وكان يذبح في كل يوم كبشا لأضيافه.
وخرج علي المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكة، واتبعته الزيدية الجارودية، فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه وأنفذه إلى المأمون، فلما وصل إليه أكرمه المأمون وأدنى مجلسه منه ووصله وأحسن جائزته، فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في موكب من بني عمه، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيته.
وروي: أن المأمون أنكر ركوبه إليه في جماعة من الطالبيين الذين خرجوا على المأمون في سنة المائتين فآمنهم، فخرج التوقيع إليهم: لا تركبوا مع محمد ابن جعفر واركبوا مع عبيد الله بن الحسين، فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلهم، فخرج التوقيع: اركبوا مع من أحببتم، فكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب إلى المأمون وينصرفون بانصرافه (2).
وذكر عن موسى بن سلمة أنه قال: أتي إلى محمد بن جعفر فقيل له: إن غلمان ذي الرئاستين قد ضربوا غلمانك على حطب اشتروه، فخرج مؤتزرا ببردتين معه هراوة وهو يرتجز ويقول:
الموت خير لك من عيش بذل