فرجع هند إلى الكوفة، فأخبرهم، وقرأ عليهم كتاب علي صلوات الله عليه.
فقام أبو موسى الأشعري، فقال: أما إني قد سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول: أما إنه سيكون من بعدي فتنة، القائم فيها خير من الساعي، والجالس خير من القائم، فقطعوا أوتار فسيكم (1) واغمدوا سيوفكم وكونوا أحلاس بيوتكم.
فقال عمار: تلك التي تكون أنت منها، أما والله لقد سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله وقد لعنك!
فقال أبو موسى: قد كان ما قلت ولكنه استغفر لي.
قال عمار: أما اللعنة فقد سمعتها، وأما الاستغفار فلم أسمعه!
فقام أبو موسى، فخرج، كأنه ديك يفترع.
وقول عمار رحمة الله عليه لأبي موسى، وقد ذكر أمر النبي صلوات الله عليه وآله بالقعود عن الفتنة (تلك التي أنت منها، يعني إن النبي صلوات الله عليه وآله إنما نهى عن القيام مع أهل الفتنة) (2) وهم الذين افتتنوا فخرجوا (3) عن أهل الحق. وصاروا أهل البغي، فليس ينبغي لاحد من المسلمين القيام مع هؤلاء، ولا الدخول في فتنتهم.
فأما قتالهم مع أهل العدل فقد افترضه الله عز وجل على المؤمنين في كتابه، فقال جل ثناؤه (.. فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر