قال حميد: وكأني انظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي: يا حبيباه يا ابن أخاه فسألت عنها فقالوا: هذه زينب بنت علي بن أبي طالب ثم جاءت حتى انكبت عليه فجاءها الحسين فأخذ بيدها إلى الفسطاط واقبل إلى ابنه واقبل فتيانه إليه فقال: احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه ذلك ثم جاء به حتى وضعه بين يدي فسطاطه.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن العلوي قال: حدثنا غير واحد عن محمد بن عمير عن أحمد بن عبد الرحمن البصري عن عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن سعيد بن ثابت قال: لما برز علي بن الحسين إليهم أرخى الحسين - صلوات الله عليه وسلامه - عينيه فبكى ثم قال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول: يا أبة العطش فيقول له الحسين: اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله صلى الله عليه وآله بكأسه، وجعل يكر كرة بعد كرة حتى رمى بسهم فوقع في حلقه فخرقه واقبل ينقلب في دمه ثم نادي: يا أبتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول: عجل القوم الينا وشهق شهقة فارق الدنيا.
قال أبو مخنف: فحدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال: أحاطوا بالحسين عليه السلام واقبل غلام من أهله نحوه واخذته زينب بنت علي لتحبسه فقال لها الحسين: احبسيه فأبى الغلام فجاء يعدو إلى الحسين فقام إلى جنبه واهوى أبجر ابن كعب بالسيف إلى الحسين فقال الغلام لأبجر: يا ابن الخبيثة أتقتل عمي؟
فضربه أبجر بالسيف واتقاه الغلام بيده فأطنها إلى الجلد. وبقيت معلقة بالجلد فنادى الغلام: يا أماه فأخذه الحسين فضمه إليه وقال: يا ابن أخي احتسب فيما أصابك الثواب فإن الله ملحقك بآبائك الصالحين برسول الله - صلى الله عليه وآله - وحمزة وعلي، وجعفر، والحسن.