حتى يثاب على الإحسان محسننا * ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن وتنقضي دولة أحكام قادتها * فينا كأحكام قوم عابدي وثن فطالما قد بروا بالجور أعظمنا * برى الصناع قداح النبع بالسفن قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا * إن الخلافة فيكم يا بني الحسن لا عز ركنا نزار عند سطوتها * إن أسلمتك ولا ركنا ذوي يمن الست أكرمهم عودا إذا انتسبوا * يوما وأطهرهم ثوبا من الدرن وأعظم الناس عند الناس منزلة * وأبعد الناس من عيب ومن وهن قال: فتغير وجه الرشيد عند استماع هذا الشعر، فابتدأ ابن مصعب يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وبأيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له وانه لسديف.
فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين ما قاله غيره، وما حلفت كاذبا ولا صادقا بالله قبل هذا، وإن الله إذا مجده العبد في يمينه بقوله: الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، استحيى أن يعاقبه، فدعني أحلفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل. قال: حلفه. قال: قل: برئت من حول الله وقوته، واعتصمت بحولي وقوتي، وتقلدت الحول والقوة من دون الله، استكبارا على الله، واستغناء عنه واستعلاء عليه إن كنت قلت هذا الشعر. فامتنع عبد الله من الحلف بذلك، فغضب الرشيد وقال للفضل بن الربيع: يا عباسي ماله لا يحلف إن كان صادقا؟ هذا طيلساني علي، وهذه ثيابي لو حلفني انها لي لحلفت. فرفس الفضل بن الربيع عبد الله ابن مصعب برجله وصاح به: إحلف ويحك - وكان له فيه هوى - فحلف باليمين ووجهه متغير وهو يرعد، فضرب يحيى بين كتفيه ثم قال: يا بن مصعب قطعت والله عمرك، والله لا تفلح بعدها. فما برح من موضعه حتى اصابه الجذام فتقطع ومات في اليوم الثالث.
فحضر الفضل بن الربيع جنازته، ومشى الناس معه، فلما جاءوا به إلى القبر ووضعوه في لحده وجعل اللبن فوقه، انخسف القبر فهوى به حتى غاب عن أعين