ذات يوم: اتق الله في دمي، واحذر أن يكون محمد صلى الله عليه وآله خصمك غدا في فرق له وأطلقه.
وكان على الفضل عين للرشيد قد ذكر ذلك له، فدعا بالفضل وقال: ما خبر يحيى بن عبد الله؟ قال: في موضعه عندي مقيم. قال: وحياتي!
قال: وحياتك إني أطلقته، سألني برحمه من رسول الله فرققت له.
قال: أحسنت، قد كان عزمي ان أخلي سبيله.
فلما خرج أتبعه طرفه وقال: قتلني الله إن لم أقتلك.
قالوا: ثم إن نفرا من أهل الحجاز تحالفوا على السعاية بيحيى بن عبد الله ابن الحسن والشهادة عليه بأنه يدعو إلى نفسه، وان أمانه منتقض، فوافق ذلك ما كان في نفس الرشيد له، وهم: عبد الله بن مصعب الزبيري وأبو البختري وهب ابن وهب، ورجل من بني زهرة، ورجل من بني مخزوم. فوافوا الرشيد لذلك واحتالوا إلى أن أمكنهم ذكرهم له، فأشخصه الرشيد إليه وحبسه عند مسرور الكبير في سرداب، فكان في أكثر الأيام يدعو به فيناظره، إلى أن مات في حبسه رضوان الله عليه.
واختلف الناس في أمره، وكيف كانت وفاته، وسأذكر ذلك في موضعه حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيخ، عن أبيه، وعن غيره: أن الرشيد دعا بيحيى يوما فجعل يذكر ما رفع إليه في امره وهو يخرج كتبا كانت في يده حججا له، فيقرؤها الرشيد وأطراف الكتب في يد يحيى، فتمثل بعض من حضر:
أني أتيح له حرباء تنضبه * لا يرسل الساق إلا مرسلا ساقا فخضب الرشيد من ذلك وقال للمتمثل: أتؤيده وتنصره؟
قال: لا، ولكني شبهته في مناظرته واحتجاجه بقول هذا الشاعر.
ثم اقبل عليه فقال: دعني من هذا، يا يحيى أينا أحسن وجها أنا أو أنت؟