فقال: هذا أمان مؤكد لا حيلة فيه - وكان يحيى قد عرضه بالمدينة على مالك وابن الدراوردي وغيرهم، فعرفوه انه مؤكد لا علة فيه.
قال: فصاح عليه مسرور وقال: هاته، فدفعه إلى الحسن بن زياد اللؤلؤي فقال بصوت ضعيف: هو أمان.
واستلبه أبو البختري وهب بن وهب فقال: هذا باطل منتقض، قد شق عصا الطاعة وسفك الدم فاقتله ودمه في عنقي.
فدخل مسرور إلى الرشيد فأخبره فقال له: اذهب فقل له: خرقه إن كان باطلا بيدك، فجاءه مسرور فقال له ذلك فقال: شقة يا أبا هاشم.
قال له مسرور: بل شقه أنت إن كان منتقضا. فأخذ سكينا وجعل يشقه ويده ترتعد حتى صيره سيورا، فأدخله مسرور على الرشيد فوثب فأخذه من يده وهو فرح وهو يقول له: يا مبارك يا مبارك، ووهب لأبي البختري ألف ألف وستمائة الف، وولاه القضاء، وصرف الآخرين، ومنع محمد بن الحسن من الفتيا مدة طويلة، واجمع على إنفاذ ما أراده في يحيى بن عبد الله.
قال أبو الفرج الأصبهاني: وقد اختلف في مقتله كيف كان: فحدثني جعفر ابن احمد الوراق، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عثمان، عن الحسن بن علي، عن عمرو بن حماد عن رجل كان مع يحيى بن عبد الله في المطبق، قال: كنت قريبا منه فكان في أضيق البيوت وأظلمها، فبينا نحن ذات ليلة كذلك إذ سمعنا صوت الأقفال وقد مضت من الليلة هجعة، فإذا هارون قد اقبل على برذون له، ثم وقف وقال: أين هذا؟ يعني يحيى بن عبد الله بن الحسن. قالوا:
في هذا البيت. قال علي به فأدنى إليه فجعل هارون يكلمه بشئ لم افهمه فقال:
خذوه، فأخذوه فضرب مائة عصا، ويحيى يناشده الله والرحم والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: بقرابتي منك، فيقول: ما بيني وبينك قرابة.
ثم حمل فرد إلى موضعه فقال: كم أجريتم عليه؟ قالوا: أربعة أرغفة