فقال لا: ولكنك لو وليت هذا الامر لاستأثرت ولم تعدل.
وأفعال مثل هذا من الاعتراض.
وولى الرشيد الفضل بن يحيى جميع كور المشرق وخراسان، وأمره بقصد يحيى والخديعة به، وبذل له الأموال والصلة إن قبل ذلك، فمضى الفضل فيمن ندب معه، وراسل يحيى بن عبد الله فأجابه إلى قبوله، لما رأى من تفرق أصحابه وسوء رأيهم فيه، وكثرة خلافهم عليه، إلا أنه لم يرض الشرائط التي شرطت له، ولا الشهود الذين شهدوا عليه، وكتب لنفسه شروطا، وسمي شهودا، وبعث بالكتاب إلى الفضل، فبعث به إلى الرشيد فكتب له على ما أراد، واشهد له من التمس.
فحدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار، وأبو عبيد الصيرفي، قالا: حدثنا محمد ابن علي بن خلف، قال: حدثني بعض الحسنيين، عن عبيد الله بن محمد بن سليمان ابن عبد الله بن الحسن، قال:
قال عبد الله بن موسى: اتيت عمي يحيى بن عبد الله بعد انصرافه من الديلم وبعد الأمان فقلت: يا عم، ما بعدي مخبر ولا بعدك مخبر فأخبرني بما لقيت.
فقال: ما كنت إلا كما قال حيي بن اخطب اليهودي:
لعمرك ما لام ابن اخطب نفسه * ولكن من لا ينصر الله يخذل فجاهد حتى أبلغ النفس عذرها * وقلقل يبغي العز كل مقلقل رجع الحديث إلى سياقة خبر يحيى بن عبد الله.
قالوا: فلما جاء الفضل إلى بلاد الديلم قال يحيى بن عبد الله: اللهم اشكر لي إخافتي قلوب الظالمين، اللهم إن تقض لنا النصر عليهم فإنما نريد إعزاز دينك، وإن تقض لهم النصر فيما تختار لأوليائك وأبناء أوليائك من كريم المآب وسني الثواب فبلغ ذلك الفضل فقال: يدعو الله أن يرزقه السلامة، فقد رزقها.
قالوا: فلما ورد كتاب الرشيد على الفضل وقد كتب الأمان على ما رسم يحيى واشهد الشهود الذين التمسهم، وجعل الأمان على نسختين إحداهما مع يحيى