الناس، فلم يروا قرار القبر وخرجت منه غبرة عظيمة، فصاح الفضل: التراب التراب فجعل يطرح التراب وهو يهوى، ودعا بأحمال الشوك فطرحها فهوت، فأمر حينئذ بالقبر فسقف بخشب واصلحه وانصرف منكسرا. فكان الرشيد بعد ذلك يقول للفضل: رأيت يا عباسي، ما أسرع ما اديل ليحيى من ابن مصعب.
فحدثني ابن عمارة قال: حدثني الحسن بن العليل العنزي، قال: حدثني احمد ابن محمد بن سليمان بن عبد الله بن أبي جهم بن حذيفة بن غانم العدوي عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، قال: كنت مع إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي فقال لي أتحب أن أريك الرجل الذي القى عبد الله بن مصعب في رحم أمه؟ قلت: نعم فأرنيه فأومأ إلى إنسان سندي على حمار، يكري الحمير بالمدينة، وقال لي: ما زال مصعب بن أبي ثابت يخرج أم عبد الله بن مصعب من بيت هذا ابدا، وكانت سندية اسمها تحفة فولدت عبد الله فهو أشبه الناس بوردان، فنفاه مصعب بن ثابت عن نفسه فلم يزل مدة على ذلك، ثم استلاطه بعد ذلك.
قال: وقال بعض الشعراء يهجو مصعب بن عبد الله الزبيري وأخاه بكارا ويذكر عبد الله بن مصعب:
تدعى حواري الرسول تكذبا * وأنت لوردان الحمير سليل ولولا سعايات بآل محمد * لالفى أبوك العبد وهو ذليل ولكنه باع القليل بدينه * فطال له وسط الجحيم عويل فنال به مالا وجاها ومنكحا * وذلك خزى في المعاد طويل ثم نرجع إلى سياقة الخبر في مقتل يحيى بن عبد الله.
قالوا: ثم جمع له الرشيد الفقهاء وفيهم: محمد بن الحسن صاحب أبي يوسف القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبو البختري وهب بن وهب، فجمعوا في مجلس وخرج إليهم مسرور الكبير بالأمان، فبدأ محمد بن الحسن فنظر فيه