قال: لا والله ولقد جهدت فما ذكر لي أحد منهم، إلا اني سمعت رجلا يقول وذكر موضعا، فقال: ينزل فيه عبد الله بن الحسن بن علي، ولم يزد على هذا.
فوجه الرشيد من وقته إلى المدينة فأخذ فجئ به، فلما ادخل عليه قال له:
بلغني أنك تجمع الزيدية وتدعوهم إلى الخروج معك.
قال: قال نشدتك بالله يا أمير المؤمنين في دمي، فوالله ما انا من هذه الطبقة ولا لي فيهم ذكر، وإن أصحاب هذا الشأن بخلافي، انا غلام نشأت بالمدينة، وفي صحاريها أسعى على قدمي، وأتصيد بالبواشيق ما هممت بغير ذلك قط.
قال: صدقت، ولكني أنزلك دارا، وأوكل بك رجلا واحدا يكون معك ولا يحجبك أحدا يدخل عليك، وإن أردت ان تلعب بالحمام فافعل.
فقال: يا أمير المؤمنين، نشدتك بالله في دمي، فوالله لئن فعلت ذلك بي لأوسوسن وليذهبن عقلي. فلم يقبل ذلك منه وحبسه، فلم يزل يحتال لان تصل رقعته إلى الرشيد حتى قدر على ذلك، فأنفذ إليه رقعة مختومة فيها كل كلام قبيح وكل شتم شنيع، فلما قرأها طرحها وقال: قد ضاق صدر هذا الفتى فهو يتعرض للقتل وما يحملني فعله ذلك على قتله. ثم دعا جعفر بن يحيى فأمره أن يحوله إليه ويوسع عليه في محبسه.
فلما كان يوم غد، وهو يوم نيروز، قدمه جعفر بن يحيى فضرب عنقه وغسل رأسه وجعله في منديل، وأهداه إلى الرشيد مع هدايا، فقبلها وقدمت إليه فلما نظر إلى الرأس افظعه فقال له: ويحك لم فعلت هذا؟
قال: لاقدامه على ما كتب به إلى أمير المؤمنين، وبسط يده ولسانه بما بسطهما.
قال: ويحك فقتلك إياه بغير أمري أعظم من فعله. ثم امر بغسله ودفنه.
فلما كان من امره ما كان في امر جعفر قال لمسرور: إذا أردت قتله فقل له هذا بعبد الله بن الحسن بن عمي الذي قتلته بغير أمري. فقالها مسرور عند قتله إياه.