عن قوله فيه فقال له: لئن كنت صادقا لأحسنن صلتك، ولأوطئن الرجال عقبك.
قال: ليس هذا قصدت، إنما علمت أنك في شك من أمره ولم آمن أن يتشوف به الناس عندك، فأحببت ان تقف على خبره فتستريح وتريح.
قال: اما إنك جئتني ببشارتين يجل خطرهما موت عيسى والحسن بن صالح.
وما أدى بأيهما انا أشد فرحا فسلني حاجتك. قال: ولده تحفظهم، فوالله ما لهم من قليل ولا كثير. وكان الحسن بن عيسى بن زيد قد مات في حياة أبيه وكان الحسين متزوجا ببنت الحسن بن صالح، فأتاه احمد وزيد ابنا عيسى فنظر إليهما وأجرى لهما أرزاقا، ومضيا باذنه إلى المدينة، فمات زيد بها، وبقي احمد إلى خلافة الرشيد وصدرا من خلافته وهو ظاهر، ثم بلغ الرشيد بعد ذلك أنه يتنسك ويطلب الحديث وتجتمع إليه الزيدية، فبعث فأخذه وحبسه مدة إلى أن أمكنه التخلص من الحبس، وخبره في ذلك يذكر مشروحا إذا انتهى الكتاب إلى اخباره، إن شاء الله تعالى.
حدثني عمي الحسن بن محمد، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه. قال:
حدثنا محمد بن أبي العتاهية، قال: حدثني أبي: لما امتنعت من قول الشعر وتركته أمر المهدي بحبسي في سجن الجرائم، فأخرجت من بين يديه إلى الحبس. فلما أدخلته دهشت وذهل عقلي ورأيت منظرا هالني، فرميت بطرفي اطلب موضعا آوى إليه أو رجلا آنس بمجالسته، فإذا أنا بكهل حسن السمت نظيف الثوب، يبين عليه سيماء الخير فقصدته فجلست إليه من غير أن أسلم عليه أو أسأله عن شئ من أمره، لما انا فيه من الجزع والحيرة، فمكثت كذلك مليا وانا مطرق مفكر في حالي، فأنشد هذا الرجل هذين البيتين. فقال:
تعودت مس الضر حتى ألفته * واسلمني حسن العزاء إلى الصبر وصيرني يأسي من الناس واثقا * بحسن صنيع الله من حيث لا أدري