ثم قال: يا حبيبي، وأي ذنب لهؤلاء وهم أطفال صغار، والله لو كان أبوهم بموضعهم حتى يأتيني أو اظفر به ما كان له عندي إلا ما يحب، فكيف بهؤلاء، اذهب يا هذا أحسن الله جزاءك فجئني بهم، وأسألك بحقي ان تقبل مني صلة تستعين بها على معاشك.
قلت: اما هذا فلا، فإنما انا رجل من المسلمين يسعني ما يسعهم.
وخرجت فجئته بهم، فضمهم إليه وأمر لهم بكسوة ومنزل وجارية تحضنهم ومماليك يخدمونهم، وافرد لهم في قصره حجرة.
وكنت أتعهدهم فأعرف أخبارهم. فلم يزالوا في دار الخلافة إلى أن قتل محمد الأمين وانتشر أمر دار الخلافة، وخرج من كان فيها، فخرج أحمد بن عيسى فتوارى، وكان اخوه زيد مرض قبل ذلك ومات.
حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار بهذا الخبر على خلاف هذه الحكاية قال حدثني هاشم بن أحمد البغوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن إسماعيل، قال:
حدثني إبراهيم بن رياح، قال: حدثني الفضل بن حماد الكوفي، وكان من أصحاب الحسن بن صالح بن حي: أن عيسى بن زيد صار إلى الحسن بن صالح فتوارى عنده، فلم يزل على ذلك حتى مات في أيام المهدي، فقال الحسن لأصحابه: لا يعلم بموته أحد فيبلغ السلطان فيسره ذلك، ولكن دعوه بخوفه ووجله منه وأسفه عليه حتى يموت، ولا تسروه بوفاته فيأمن مكروهه. فلم يزل ذلك مكتوما حتى مات الحسن بن صالح رحمه الله، فصار إلى المهدي رجل يقال له ابن علاق الصيرفي وكان اسمه قد وقع إليه وبلغه انه من أصحاب عيسى، فلما وقف ببابه واستأذن له الحاجب أمر بادخاله إليه، فأدخل فسلم على المهدي بالخلافة وقال: أعظم الله اجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك عيسى.
فقال له: ويحك ما تقول؟ قال: الحق والله أقول. فقال: ومتى مات؟
فعرفه فقال: ما منعك أن تعرفني قبل هذا؟ قال: منعني الحسن بن صالح وصدقه