قال: ومات الحسن بن صالح بعده بشهرين، فحدث صباح الزعفراني قال:
أخذت أحمد بن عيسى، وأخاه زيدا فجئت بهما إلى بغداد فجعلتهما في موضع أثق به عليهما، ثم لبست اطمارا وجئت إلى دار المهدي، فسألت ان أوصل إلى الربيع وان يعرف ان عندي نصيحة وبشارة بأمر يسر الخليفة. فدخلوا عليه فأعلموه بذلك فخرجوا إلي فأذنوا لي، فدخلت إليه وقال: ما نصيحتك؟ فقلت: لا أقولها إلا للخليفة.
فقال: لا سبيل إلى ذلك دون أن تعلمني النصيحة ما هي. فقلت: أما النصيحة فلا اذكرها إلا له، ولكن اخبره أني صباح الزعفراني، داعية عيسى بن زيد.
فأدناني منه ثم قال: يا هذا: لست تخلو من أن تكون صادقا أو كاذبا، وهو على الحالين قاتلك، إن كنت صادقا فأنت تعرف سوء اثرك عنده، وطلبه لك، وبلوغه في ذلك أقصى الغايات، وحرصه عليه، وحين تقع عينه عليك يقتلك.
وإن كنت كاذبا وإنما أردت الوصول إليه من اجل حاجة لك غاظه ذلك من فعلك فقتلك، وأنا ضامن لك قضاء حاجتك كائنة ما كانت لا أستثني شيئا.
فقلت: أنا صباح الزعفراني، والله الذي لا إله إلا هو مالي إليه حاجة ولو أعطاني كل ما يملك ما أردته ولا قبلته، وقد صدقتك فان أخبرته وإلا توصلت إليه من جهة غيرك.
فقال: اللهم اشهد أني برئ من دمه، ثم وكل بي جماعة من أصحابه وقام فدخل، فما ظننت أنه وصل إليه حتى نودي: هاتوا الصباح الزعفراني فأدخلت إلى الخليفة فقال لي: أنت صباح الزعفراني؟ قلت: نعم.
قال: فلا حياك الله ولا بياك، ولا قرب دارك، يا عدو الله، أنت الساعي على دولتي، والداعي إلى أعدائي؟ قلت: انا والله هو وقد كان كل ما ذكرته.
فقال: أنت إذا الخائن الذي أتت به رجلاه، أتعترف بهذا مع ما اعلمه منك، وتجيئني آمنا؟