ولما ظهر محمد بن عبد الله بن الحسن وزحف إليه عيسى بن موسى جمع إليه وجوه الزيدية وكل من حضر معه من أهل العلم، وعهد إليه أنه إن أصيب في وجهه ذلك فالامر إلى أخيه إبراهيم فان أصيب إبراهيم فالامر إلى عيسى بن زيد.
حدثني بذلك أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن الحسن، قال إن عبد الله بن محمد بن عمر ذكر ذلك من وصية محمد إلى أخيه إبراهيم، ثم إلى عيسى ابن زيد، فلما أصيبا توارى عيس بن زيد بالكوفة في دار علي بن صالح بن حي أخي الحسن بن صالح وتزوج ابنة له، وولدت منه بنتا ماتت في حياته، وخبره في ذلك يذكر بعد إن شاء الله.
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد على سبيل المذاكرة فحفظته عنه لم أكتبه من لفظه، والحديث يزيد وينقص والمعنى واحد، قال: حدثني محمد بن المنصور المرادي قال: قال يحيى بن الحسين بن زيد: قلت لأبي: يا أبة، إني أشتهي أن أرى عمي عيسى بن زيد، فإنه بقبح بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه، فدافعني عن ذلك مدة وقال: إن هذا أمر يثقل عليه، وأخشى أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك إياه فتزعجه، فلم أزل به أداريه والطف به حتى طابت نفسه لي بذلك فجهزني إلى الكوفة وقال لي: إذا صرت إليها فاسأل عن دور بني حي، فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية، وستري في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا وكذا فاعرفه واجلس بعيدا منها في أول السكة، فإنه سيقبل عليك عند المغرب كهل طويل مسنون الوجه قد أثر السجود في جبهته عليه جبة صوف يستقي الماء على جمل، وقد انصرف يسوق الجمل لا يضع قدما ولا يرفعها إلا ذكر الله - عز وجل - ودموعه تنحدر فقم وسلم عليه وعانقه، فإنه سيذعر منك كما يذعر الوحش، فعرفه نفسك وانتسب له، فإنه يسكن إليك ويحدثك طويلا، ويسألك عنا جميعا ويخبرك بشأنه ولا يضجر بجلوسك معه، ولا تطل عليه وودعه، فإنه سوف يستعفيك من العودة إليه فافعل ما يأمرك به من ذلك، فإنك إن عدت إليه توارى عنك واستوحش