شداد في ثلاثين إنسانا من قبل إبراهيم، فذعر منه والي فارس فهرب وخلاه والبلاد فدخلها وأسرع إليه رؤساؤها فلما قتل إبراهيم أتاه نعيه وهو في أقاصي فارس، وبلغ الخبر الرؤساء وهم مقيمون معه فتآمروا به وقالوا: ما يغسل ما عند أبي جعفر علينا إلا توجيه هذا إليه فأتوه، وعلم بما أجمعوا عليه فدعا بالمائدة فجعل يأكل على هنيئة ثم قال لحاجبه: ائذن لهم. فدخلوا عليه وأخذوا مجالسهم. فقال:
يا غلام: ارحل فجعل القوم يرحلون، والقوم على ثقة انه لا يفوتهم ثم ركبوا يريدون الرجوع إلى أداني فارس وليس معه إلا سبعون رجلا وتبعه عسكر جرار من أهل فارس فسار حتى أظلم وهو يمضي فيصير في ميمنة أصحابه مرة وفي ميسرتهم أخرى ويسر إليهم الخبر، ويعدهم إلى موضع يجتمعون فيه، فيتسللون واحدا واحدا، ولا يعلم أهل فارس لكثرتهم معه، ثم ينسل منهم، ولا يعرف أحدا.
ثم إن عمرا انسل في ليلته، والقوم منحدرون، ولا يعلمون بذهابه، ومضى هو مصعدا، وطلبوه فأعجزهم وأغذ السير حتى أتى كرمان فأوثق واليها وأخذ ما استتم له، ثم سار ليلا إلى البحر فركب السفن، فصار إلى البصرة، واستخفى هو وأصحابه.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الرحمن بن إسماعيل قال: حدثني خالد مولى محمد بن إسماعيل قال: شهدت عمرو بن شداد حين أخذ، فأتى به ابن دعلج فأمر بقطع يده فمدها فقطعت ثم مد اليسرى فقطعت، ثم رجله اليمنى فقطعت، ثم مد اليسرى فقطعت وما يقربه أحد ولا يمسه ثم قال له:
مد عنقك فمدها فضربه ضارب بسيف كليل فلم يصنع شيئا.
فقال: اطلبوا سيفا صارما فعجل الضارب فنبا فلم يصنع شيئا.
فقال عمرو: سيف أصرم من هذا. فسل ابن دعلج سيفا كان عليه فدفعه إلى رجل فضربه وقال ابن دعلج لعمرو: أنت والله الصارم.