معه، فجلس وجلست، فجعلت أحدثه عن ابن المسيب وكان أمير المدينة وكان كثيرا ما احدثه عنه. فلما فرغت قال: لا أظنك أفطرت بعد؟ فقلت: لا، فدعا لي بطعام فوضع بين يدي وأمر الغلام أن يأكل معي فأصبت والغلام من الطعام، فلما فرغنا قال لي: ارفع الوسادة وخذ ما تحتها.
فرفعتها وإذا دنانير فأخذتها ووضعتها في كمي وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوني منزلي، فقلت: جعلت فداك إن طائف ابن المسيب يدور وأكره أن يلقاني ومعي عبيدك، فقال لي:
أصبت أصاب الله بك الرشاد. وأمرهم أن ينصرفوا إذا رددتهم فلما قربت من منزلي وآنست رددتهم فصرت إلى منزلي ودعوت بالسراج ونظرت إلى الدنانير وإذا هي ثمانية وأربعون دينارا وكان حق الرجل علي ثمانية وعشرين دينارا وكان فيها دينار يلوح فأعجبني حسنه فأخذته وقربته من السراج فإذا عليه نقش واضح: حق الرجل ثمانية وعشرون دينارا وما بقي فهو لك، ولا والله ما عرفت ما له علي والحمد لله رب العالمين الذي أعز وليه.
* الشرح:
قوله (وقد والله شهرني) أي وقد شهرني والله فحذف الفعل لوجود المفسر يقال: شهرته بكذا والتشديد مبالغة.
قوله (عن ابن المسيب) هو هارون بن المسيب الآتي.
قوله (فأصبت والغلام من الطعام) هذا من باب العطف على الضمير المرفوع المتصل من غير فصل ولا تأكيد إلا أن يجعل الواو بمعنى مع.
* الأصل:
5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه خرج من المدينة في السنة التي حج فيها هارون يريد الحج فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق - وأنت ذاهب إلى مكة - يقال له: قارع، فنظر إليه أبو الحسن (عليه السلام) ثم قال: باني قارع وهادمه يقطع إربا إربا. فلم ندر ما معنى ذلك فلما ولى وافى هارون ونزل بذلك الموضع صعد جعفر بن يحيى ذلك الجبل وأمر أن يبنى له ثم مجلس فلما رجع من مكة صعد إليه فأمر بهدمه، فلما انصرف إلى العراق قطع إربا إربا.
* الشرح:
قوله (يقال له: قارع) جبل قارع إذا كان أطول ما يليه وقارعة الجبل أعلاه.
قوله (باني قارع وهادمه) إضافة الباني إلى القارع على سبيل الاتساع كما في مالك يوم الدين، والتقدير باني البناء في القارع، وضمير في دمه يرجع إلى البناء المستفاد من الباني والإرب بالكسر