أخذوا عن الناس) ما يقتضيه آراءهم الفاسدة وقياساتهم الباطلة (وإنكم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)) دين الله الذي أنزله إليه لمصالح العباد، فليس في تركهم مضرة لكم، ولا في مخالطهم منفعة لكم (إني سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله إذا كتب) بقلم التقدير في اللوح المحفوظ (على عبد أن يدخل في هذا الأمر) ويذعن له إذعانا خالصا عن شوائب الشكوك ومفاسد الأوهام (كان أسرع إليه من الطير إلى وكره) دعي أو لم يدع، والوكر بفتح الواو وسكون الكاف: عش الطائر وهو موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان وغيرها للتفريخ وهو في أفنان الشجر، فإذا كان في جبل أو جدار أو نحوهما فهو، وكر ووكن، وإذا كان في الأرض فهو افحوص وأدحي.
* الأصل:
4 - «أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن مروان، عن فضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ندعوا الناس إلى هذا الأمر؟ فقال: لا يا فضيل، إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه فاخله في هذا الأمر طائعا أو كارها».
* الشرح:
(أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن مروان، عن فضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ندعو الناس إلى هذا الأمر) طلب الإجازة على ذلك ولما كان الناس في ذلك العصر متعصبين معاندين للحق وأهله أشار (عليه السلام) إلى نهيه عن دعائهم مطلقا أو عن المبالغة لما فيه من صلاح الفرقة الناجية مع الإشارة إلى التعليل لذلك النهي تسلية له وتسكينا لحزنه (فقال: لا يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا) لقصد إخراجه من الشقاوة تفضلا ولطفا (أمر ملكا فأخذ بعنقه فأدخله في هذا الأمر طائعا) إذا لم يبلغ اللطف حد الكمال (أو كارها) إذا بلغه ولم يبلغ حد الجبر لأن الجبر عندنا منفي.
كمل كتاب العقل والعلم والتوحيد من كتاب الكافي ويتلوه كتاب الحجة.