تعالى ذلك لطف بالنظر عنه لا أنه يسلب الإيمان عنه بل لا يبعد أن يقال: إن صنعه تعالى ذلك لطف بالنظر، اليه، ألا ترى أنك تضييق على من وقع من عبيدك في مخالفة أمرك لعله يتذكر أو يخشى فيرجع إلى الموافقة (كأنما يصعد في السماء) شبه ضيق الصدر عن قبول الإيمان ولوازمه بمن يصعد في السماء في أنه كما يمتنع الصعود من هذا كذلك يمتنع قبول الإيمان من ذاك.
وقيل: معناه أن ضيق الصدر يبعد من الإيمان كما يبعد الصاعد من السماء وفيه مبالغة لبعده عن قبول الإيمان ويقرب منه ما قبل من أن قرار ضيق الصدر عن الإيمان وثقله عليه بمنزلة فرار من يفر إلى السماء، وهذا مثل لغاية التباعد من الشيء والفرار عنه، وقال الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام): «حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا: عن قوله الله عز وجل (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) قال: من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته ودار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله والثقة به والسكون إلى ما وعده من ثوابه ويطمئن إليه، ومن يرد أن يضله عن جنته ودار كرامته في الآخرة لكفره وعصيانه له في دار الدنيا يجعل صدره ضيقا حتى يشك في كفره ويضطرب من اعتقاده قلبه حتى يصير كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون» ومثله بعينه رواه الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في كتابه الاحتجاج.
* الأصل:
3 - «عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة عن أبيه قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إني سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره».
* الشرح:
(عده من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اجعلوا أمركم) في القول والفعل خالصا (الله) طلبا لمرضاته (ولا