شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٧٣
والقب المتوغل في الباطل لا ينفعه الخصومة بل ربما تضره (إن الله تعالى قال لنبيه: (إنك لا تهدي من أحببت)) يعني لا تقدر أن توصله إلى المطلوب وتدخله في دين الإسلام (ولكن الله يهدي من يشاء) أي يوصله إلى المطلوب ويدخله في الإسلام، ويمكن أن يراد بالهداية هنا التوفيق وإيجاد اللطف وأن الله سبحانه هو الذي يحول بين المرء وقلبه فهو الهادي بهذا المعنى دون غيره، وفيه تسلية لهم بأنه إذا لم يقدر النبي (صلى الله عليه وآله) على هدايتهم بأنتم أولى بعدم القدرة عليها (وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) إنكار لإكراهه وإجباره إياهم على الإيمان تحقيقا لمعنى التكليف والثواب والجزاء.
وقال الشيخ أبو علي في تفسيره: معناه أنه لا ينبغي أن تريد إكراههم على الإيمان مع أنك لا تقدر عليه لأن الله تعالى يقدر عليه ولا يريده لأنه ينافي التكليف، وأراد بذلك تسلية النبي (صلى الله عليه وآله) وتخفيف ما يلحقه من التحسر والحرص على إيمانهم عنه، وفي هذا دلالة على بطلان قول المجبرة أنه تعالى لم يزل كان شائيا وأنة لا يوصف بالقدرة على أن يشاء لأنه أخبر أنه لو شاء لقدر لكنه لم يشأ فلذلك لم يوجد، وإن كانت مشيته أزلية لم يصح تعليقها بالشرط، ألا ترى أنه لا يصح أن يقال:
لو علم الله ولو قدر كما صح أن يقال: لو شاء ولو أراد، وفي كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) قال له المأمون: «ما معنى قوله الله جل ثناؤه (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله)؟ فقال الرضا (عليه السلام) حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: إن المسلمين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما كنت لألقى الله عز وجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا وما أنا م المتكلفين فأنزل الله تبارك وتعالى يا محمد (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمن عند المعاينة ورؤية البأس وفي الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثوابا ولا مدحا لكني اريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وأما قوله عز وجل (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بأذن الله) فليس على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى أنة اما كانت لتؤمن إلا باذن الله وإذنه أمره لها بالإيمان ما كانت مكلفة متعبدة، وإلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبد عنها. فقال المأمون: فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك (ذروا الناس) اتركوهم بحالهم ولا تقصدوا مخالطتهم ومؤالفتهم في دينهم (فان الناس
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354