(ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون) العلم بذلك وإن كان يحصل بالبيان القولي إلا أن البيان الفعلي أقوى وأظهر مع ما فيه من الدلالة على عدم الإثم بتركها كما أشار إليه بقوله (ليس كما يقولون إذا نام عنها هلك) باستحقاق العقاب لانتفاء الاستحقاق هنا، والظاهر أن نومه (صلى الله عليه وآله) كان حين سار من أول الليل إلى السحر ونزل للتعريس، ففيه دلالة على جواز النوم قبل وقت الصلاة وإن خشي الاستغراق حتى يخرج الوقت وذلك لأنها لم تجب بعد، وفيه دلالة أيضا على أن فعله تعالى معلل بالغرض وما وقع في بعض الروايات من نفي الغرض عن فعله فلعل المراد منه نفي الغرض الراجع إليه (وكذلك الصيام أنا امرضك وأنا اصحك فإذا شفيتك فاقضه) الصحة حال أو ملكة يصدر بسببها عن محلها الأفعال على وجه الكمال والمرض عدم الصحة أو حالة أو ملكة يصدر بسببها عن محلها الأفعال لا على وجه الكمال وهما من أفعاله تعالى كما مر في باب حدوث العالم (ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا من المكلفين (في ضيق) كما قال الله سبحانه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وكما ورد «إن هذا الدين سمحة سهلة» (ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة) فيما آتاه وعرفه ولم يضيق عليه (ولله فيه المشيئة) شاء ما فيه صلاحه في الدين والدنيا أو صلاح الغير كإلقاء النوم والمرض عليه (صلى الله عليه وآله) لتعليم الخلق قضاء الصلاة والصوم وإصلاح حالهم بترك اللوم والتعبير لمن صدر منه ذلك، ولما توهم من قوله «لم تجد أحدا في ضيق» أن الخلق في سعة على الإطلاق يفعلون ما يشاؤون دفعه بقوله (ولا أقول إنم ما شاؤوا صنعوا) كما قالت المفوضة وذلك لحصرهم بالأمر والنهي وافتقارهم إلى الإذن واللطف وعدم استقلالهم في القدرة (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله).
(ثم قال: إن الله يهدي ويضل) أي يثيب ويعاقب أو يرشد في الآخرة إلى طريق الجنة وطريق النار للمطيع والعاصي وقد فسرت الهداية في قوله تعالى (سيهديهم ويصلح بالهم) بالأمرين أو ينجي ويهلك وقد فسرت الهداية في قوله تعالى حكاية (لو هدانا الله) لهديناكم بالنجاة يعني لو أنجانا لأنجيناكم لأنكم أتباع لنا فلو نجونا لنجوتم وفسرت الضلالة في قوله تعالى (فلن يضل أعمالهم) وفي قوله (ائذا ضللنا في الأرض) بالهلاك أو يوفق للخيرات ويسلب التوفيق أو يكون نسبة الهداية والإضلال إليه مجازا باعتبار إقداره على الخيرات والمعاصي، وروى الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن مولانا أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليهم السلام) أنه قال: «فإن قالوا: ما الحجة في قول الله تعالى (يضل من يشاء، ويهدي من يشاء) وما أشبه ذلك؟ قلنا: فعلى مجاز هذه الآية يقتضي معنيين أحدهما: أنه إخبار عن كونه تعالى قادرا على هداية من يشاء وضلالة من يشاء لو أجبرهم على أحدهما لم يجب لهم ثواب ولا عيهم عقاب وما شرحنا، والمعنى