وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة (وزين لهم الشيطان أعمالهم، فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين) رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله (صلى الله عليه وآله) [وأهل بيته] إلى اختيارهم والقرآن يناديهم: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) - الآية وقال: (مالكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون أن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم أم لهم شركاء فليأ توا بشركائهم إن كانوا صادقين) وقال: عز وجل: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)؟! أم (طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون)؟! (أم قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) أم (قالوا سمعنا وعصينا) بل هو (فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فكيف لهم باختيار الامام؟! والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس و الطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ونسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، فيه البيت من قريش، و الذروة من هاشم، والعترة من الرسول (صلى الله عليه وآله) والرضا من الله عز وجل، شرف الا شراف والفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة; مفروض الطاعة، قائم بأمر الله عز وجل، ناصح لعباد الله، حافظ الدين الله، إن الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه مالا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى:
(أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى. فمالكم كيف تحكمون) وقوله تبارك وتعالى: (ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا) وقوله في طالوت: (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم) وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (أنزل عليك الكتاب و الحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب. ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته [البالغة] على عباده وشاهده على خلقه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو