الفضيلتين فمن كان موسوما بسمة الجهالة، وموصوفا بصفة الضلالة، ورذيلة الغباوة والحماقة لا يصح أن يكون إماما.
قوله: (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) عطفهما على الخيرات من باب عطف الخاص على العام للإشعار بفضلهما والاهتمام بشأنهما وحذفت التاء من إقام الصلاة للتخفيف مع قيام المضاف إليه مقامها وهو صريح في أن الإمام يجب أن يكون مقيما للصلاة معطيا للزكاة في جميع العمر وأوان التكليف فكيف يكون الثلاثة الذين مضى أكثر أعمارهم في عبادة الأصنام مستحقين للإمامة.
قوله: (وكانوا لنا عبادين) عطف على «أوحينا» أو حال عن ضمير إليهم بتقدير قد، وإيحاء فعل الخيرات حينئذ لزيادة الترغيب والحث على فعلها وتقديم الظرف بقصد الحصر أي وكانوا عابدين لنا لا لغيرنا ومخلصين في عبادتهم غير مشركين في جميع العمر، كما يشعر به لفظ كانوا وهو صريح في أن من أشرك في وقت من الأوقات لا يجوز أن يكون إماما فكيف يكون الثلاثة الذين أشركوا في أكثر الأوقات أئمة.
قوله: (يرثها بعض عن بعض) بنص الأول للآخر بأمر الله تعالى جل شأنه.
قوله: (قرنا فقرنا) بالنصب على الظرفية أو على المصدرية وفي النهاية الأثيرية: القرن أهل كل زمان وهو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم.
وقيل: القرن أربعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: مائة، وقيل: مطلق من الزمان وهو مصدر قرن يقرن.
قوله: فقال جل وتعالى: (أن أولى الناس) أي أخص الناس بإبراهيم وأقربهم منه للذين اتبعوه في عقائده وأعماله وأقواله ظاهرا وباطنا ولم يخالفوه أصلا وهم أوصياؤه (عليهم السلام) وهذا النبي الامي العربي والذين آمنوا بالله من أوصيائه (عليهم السلام) والله ولي المؤمنين ينصرهم لإيمانهم وإرشادهم عباد الله إلى صراطه المستقيم وقد احتج أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه على أوليته بالخلافة فقال:
«وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، وهو قوله تعالى: (واولوا الأرحام بعضهم اولي ببعض في كتاب الله) وقوله تعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم) - الآية يعني كتاب الله - يجمع لنا ما ذهب عنا من هذا الأمر وهو هاتان الآيتان، أما دلالة الآية الاولى فلأنه (عليه السلام) من أخص أولي الأرحام بالنبي فهو أولى بالقيام مقامه بحكم هذه الآية. وأما الدلالة الثانية فلأنه (عليه السلام) أقرب الخلق إلى الإيمان به واتباعه وأولهم فقد ظهر أنه (عليه السلام) أولى به وبمنصبه تارة من جهة قرابته وتارة من جهة طاعته واتباعه وعدم مخالفته بوجه من الوجوه.