والمجلل: السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر ويعمها فقد شبه الإمام من حيث أنه مظهر لحقائق الإسلام ومبين لما هو المقصود منها ومنور لعالم قلوب المؤمنين برفع الحجاب والغشاوة عنها بالشمس الطالعة المنورة بنورها للعالم الحسي تشبيها للمعقول بالمحسوس لزيادة الإيضاح وكما أن الشمس في الأفق الحسي بحيث لا تنالها أيدي العباد لارتفاعها ولا أبصارهم لكثرة ضيائها إذ الضوء الساطع يمنع من مشاهدة ما وراءها كذلك الإمام في الافق العقلي وهو افق العقول بحيث لا تناله أيدي الأوهام والخيالات ولا أبصار العقول لارتفاع قدره وكمال نوره وقد مر أن الحواس والعقول قاصرة عن إدراك حقيقة الإمام وصفاته والكلام بهذا التفسير مبني على التشبيه المصطلح ولك أن تجعله استعارة تمثيلية.
قوله: (الإمام البدر المنير - الخ) الزاهر المضيء يقال: زهرت النار زهورا أي أضاءت والنور هو الظاهر بنفسه والمظهر لغيره، والساطع: المرتفع، والسطيع:
الصبح لأنه يسطع عن الافق والغياهب:
جمع الغيهب وهو الظلمة، والدجى: جمع الدجية بالضم وهي الظلمة وقد يعبر بها عن الليل فالإضافة إما بيانية أو بتقدير «في». والأجواز بالجيم والزاي المعجمة جمع الجوز: وهو وسط كل شيء والجيزة: الناحية، والمراد بها من ما بين البلدان من القفار والقفار بدل منها وأما جعلها جمع الحوزة بالحاء المهملة بمعنى الناحية فهو بعيد لفظا لأنه لم يثبت جمعها كذلك. إذا عرفت هذا فنقول قوله «غياب الدجى» ناظر إلى البدر المنير والسراج الزاهر لتناسب بينهما وبين الليل والمراد أن الإمام كالقمر والسراج المنيرين في غياهب الطبايع البشرية وظلمات العوالم الناسوتية في الاهتداء به إلى المقاصد الدنيوية والاخروية وقوله «أجواز البلدان والقفار» ناظر إلى النور الساطع والمراد أن الإمام كالنور الساطع مثل الصبح إذ به يمكن سير ما بين كل مقامين من المقامات النفسانية.