وفي جعل قوله (أو يقيموا إماما باختيارهم) قسيما لهما نوع إشعار بأن إقامتهم إماما كان تحكما مجردا عن إدراك الإمامة ومحلها بوجه من الوجوه.
قوله: (إن الإمامة خص الله تعالى بها إبراهيم الخليل (عليه السلام)) دليل على قوله «إن الإمامة أجل - إلى آخره» وتوضيح لأن الإمامة تثبت بالنص كما هو مذهب الإمامية من أن تعيين الإمام من قبل الله تعالى ومن قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويلزم سائر الناس ولا مدخلا لاختيارهم في ذلك خلافا للعامة فإنهم ذهبوا إلى أنه ليس ذلك على الله وعلى رسوله واعتقدوا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مضى ولم يستخلف (1) قال الآبي ناقلا عن القاضي القرطبي: عقد الخلافة يتحقق بأحد الوجهين إما باستخلاف المتولي وإما باتفاق أهل الحل والعقد على رجل ويلزم سائر الناس ولا يلزم مباشرة كل الناس للبيعة وينعقد أيضا بالواحد من أهل الحل والعقد إذا لم يوجد غيره واحتج شارح رجز الضرير بعقدها أبو بكر لعمر وعقدها عبد الرحمن لعثمان، وبعض الشيوخ يضعف هذا الاحتجاج ويقول: إنه ليس بشيء لأن عقدها لعمر وعثمان إنما كان بإجماع الصحابة على ذلك وقال: وإنما يحتج بعقدها بالواحد بمسألة الإجماع إذا لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد فإنه يتقرر ويكون قوله وحده إجماعا. أقول:
ما ذكره أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يستخلف فهو افتراء على الله تعالى ورسوله لأن كتب اصولهم مشحونة