شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٠
في ذلك هو الإجماع الواقع في الصدر الأول حتى قال أبو بكر في خطبته: إن محمدا مات ولابد لهذا الدين ممن يقوم به، فبادروا إلى تصديقه وقبلوا قوله، ولم يخالف في ذلك أحد وتبعهم في ذلك التابعون وتابعوهم إلى هلم. وقال بعض الناس: إن دليل وجوب نصبه إنما هو العقل لأن في ترك الناس لا إمام لهم مع اختلاف الآراء فسادا في الدين والدنيا.
وقال الآبي: القائل بوجوبه عقلا الإمامية (1) والجاحظ والكعبي وأبو الحسين البصري ثم اختلف هؤلاء، فقال الإمامية: الوجوب في ذلك إنما هو على الله سبحانه وتعالى. وقال الجاحظ وصاحباه إنما الوجوب في ذلك على الخلق. أقول: قول أبي بكر «لابد لهذا الدين ممن يقوم به» إما صادق أو كاذب فعلى الثاني: لزم كذبه وكذب من صدقه وبطلان الإجماع، وعلى الأول: فإما أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) عالما بأنه لابد لهذا الدين من يقوم به أو لم يكن؟ فعلى الأول: لزم أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) مضيعا لدينه حيث لم ينصب من يقوم به دينه وتاركا للواجب، وعلى الثاني: لزم أن يكون أبو بكر أعلم منه فيما له مدخل في صلاح دينه، ثم أقول على الجاحظ والكعبي وأبي الحسين البصري إنما ذكرتم من دليل العقل إنما دل على وجوب نصبه على الرسول وتخصيصه بالامة لا وجه له، ثم قال الآبي: الأقوال في نصبه ستة: وجوب نصبه على الخلق مطلقا لدليل السمع، ووجوبه لدليل العقل على الله سبحانه، ووجوبه لدليل العقل على الخلق، ووجوب نصبه في الفتن لا في الأمن وعكسه، والسادس عدم وجوبه مطلقا وهو مذهب الخوارج (2).

١ - قوله: «القائل بوجوبه عقلا الإمامية» وغرض أصحابنا أيدهم الله تعالى ان العقل كاشف عن كونه واجبا من الله تعالى وكذلك في كل حكم شرعي يثبت بالعقل كحرمة الغصب أن العقل يكشف عن كونه ثابتا في الشرع لا أنه ليس واجبا شرعا بل عقلا فقط حتى لا يكون من المسائل الدينية. (ش) ٢ - قوله: «وهو مذهب الخوارج» تمسكوا بقوله تعالى (إن الحكم إلا لله) وأجاب عنهم أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما روى في نهج البلاغة: إنها كلمة حق يراد بها الباطل. وهؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله. يعني أن الإمرة غير الحكم ولابد من أمير يحكم بحكم الله تعالى لا بحكم غيره ولا ريب أن حكم الله لابد أن ينفذه أمير ولذلك لم يتم أمر الخوارج أيضا في زمان إلا بأمير لهم. فإن قيل: سلمنا أن الإمامة واجبة عقلا وشرعا ولا يتم الدين إلا بالإمامة ولكن المقدار المسلم من ذلك إثبات أصل الإمامة ووجود إمام ما ولا يجب تعيين شخصه على النبي ولا على الله تعالى كما أنه أوجب الجهاد والدفاع ونعلم أن ذلك لا يتم إلا بجند ورئيس للجند ولا يجب تعيين رئيس الجند شخصا وكما أوجب تعليم القرآن والفقه وحفظ شعائر الدين ومشاعره ولا يوجب ذلك تعيين شخص المعلم وحافظ الشعائر فنقول: أولا: إن في الإمام شروطا لا يطلع عليها الناس كما مر ويأتي إن شاء الله.
وثانيا: بعد أن علم أن الإمامة من الدين وكماله فلابد أن لا يكتفي النبي (صلى الله عليه وآله) بإيجابها إجمالا بل إما أن يصرح بأن الأمر مفوض إلى الناس يختارون من شاؤوا وأما أن يصرح بالتعيين، وادعى كثير تصريحه باختيار علي (عليه السلام) ولم نر في كتاب حديث أو تاريخ وسيرة أنه (صلى الله عليه وآله) قال يوما لأصحابه «فوضت أمر الخلافة بعدي إليكم فانصبوا من شئتم» فإذا لم يكن هذا قطعا ثبت الاحتمال الآخر وهو تعيين علي (عليه السلام)، وأما الإجمال والإبهام فغير محتمل مع ما نعلم من عمل الخلفاء بعده من التعيين أو التفويض إلى أهل الشورى صريحا ولم يكونوا أعقل وأسوس وأحكم تدبيرا وأنظر لحفظ الدين من رسول الله (صلى الله عليه وآله). (ش)
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354