قوله: (هل يعرفون) الاستفهام للإنكار وحمله على الحقيقة بعيد والمقصود أن اختيارهم إماما موقوف على معرفة قدر الإمامة ومرتبتها وصفاتها المختصة بها وعلى معرفة محلها المتصف بها وهم قاصرون عن معرفة جميع ذلك فلا مدخل في الإمامة لاختيارهم.
قوله: (إن الإمامة أجل قدرا) قدر الشيء مبلغه وشأن الشيء حاله وغور الشيء قعره وعمقه، وهذا دليل على عدم اقتدارهم على معرفة الإمامة وعدم جواز اختيارهم فيها لعجز عقولهم عن إدراك قدر الإمامة ومبلغها لجلالته وعن إدراك شأنها وصفاتها لعظمته وعن الوصول إلى مكانها ومنزلها لعلوه وارتفاعه، وعن الوصول إلى جانب من جوانبها وطريق من طرقها الموصلة إليها لخفائه، وعن إدراك كنه حقيقتها وذاتها لدقته، وإذا عجزت عن إدراكها من هذه الجهات فقد عجزت عن إدراكها مطلقا لأن كل شيء يدرك فإنما يدرك من إحدى هذه الجهات.
قوله: (من أن يبلغها الناس بعقولهم) متعلق بأجل وما عطف عليه على سبيل التنازع ووجه الترديد أن المدرك إما معقول صرفا أو معقول بمعونة الحواس وليس في وسعهم إدراك الإمامة بأحد هذين الوجهين إذ لا مدخل للحواس في معرفة الإمامة وليس لعقولهم طريق إلى معرفتها.