شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٣
قوله: (فقلدها (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام)) أي جعلها لازمة في عنقه لزوم القلائد في الأعناق على رسم ما فرض الله تعالى عليه وامتثال أمره لكونها جلية لا تليق إلا به.
قوله: (فصارت في ذريته الأصفياء) وصف الذرية بثلاثة أوصاف أحدها الصفاء المطلق وهو الخلوص عن جميع الأكدار والأعراض عن جميع الأغيار والتوسل إليه تعالى في جميع الأحوال، وثانيها حقيقة العلم ووصفهم بذلك يقتضي أن يكون لهم العلم بجميع الأشياء، وثالثها حقيقة الإيمان وهو يفيد أن لهم أعلى مراتب الإيمان ليشعر بأن المستحقين للإمامة هم الموصوفون بهذه الصفات لأن غيرهم لا يخلو عن ظلم ما والظالم لا ينال الإمامة كما قال سبحانه: (لا ينال عهدي الظالمين).
قوله: بقول تعالى: (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) الجار متعلق بصارت أو بأتاهم والمجرمون يقسمون يوم القيامة أنهم ما لبثوا في الدنيا أو في القبور غير ساعة لاستقلالهم مدة لبثهم إضافة إلى مدة عذابهم في الآخرة أو نسيانا كما أشار إليه سبحانه بقوله: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون) أي مثل ذلك الصرف عند التحقيق كانوا يصرفون في الدنيا ويجيبهم الذين أوتوا العلم والإيمان من الأئمة المعصومين والعترة الطاهرة لقد لبثتم في كتاب الله أي في علمه أو قضائه أو اللوح المحفوظ أو القرآن إلى يوم البعث فهذا يوم البعث الذي كنتم منكرين له لرد ما قالوه وحلفوا عليه، وهذا الجواب وإن لم يتضمن تحديد مدة لبثهم لكن فيه دلالة بحسب قرينة المقام على أنها زائدة على ما قالوه كثيرا حتى كأنها لا يحيط بها التحديد.
قوله: (إذ لا نبي بعد محمد) دليل لقوله تعالى إلى يوم القيامة يعني أن خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) مستمرة في ولد علي (عليه السلام) إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) حتى تنقطع الخلافة من ولد على (عليه السلام).
قوله: (فمن أين يختار هؤلاء الجهال) الفعل إما مجهول والجهال صفة لهؤلاء أو بدل، وإما معلوم والجهال مفعول على الظاهر أو صفة أو بدل على الاحتمال (1) وعلى التقادير فيه إشعار بأن

1 - قوله: «على الاحتمال» هذا الاحتمال أظهر مما سبقه وإن عكس الشارح وسياق الدليل هكذا:
الإمامة متوقفة على شرائط وأوصاف خفية لا يعلم وجودها في أحد إلا الله تعالى وهؤلاء الناسبون للإمام جهال لا يعلمون وجودها في أحد فكيف يختارون الإمام وينصبونه وأما أن الإمامة متوقفة على شروط فلما يذكر بعد ذلك، واعلم أن الإمام المنصوب من قبل الناس يجب أن يكون محكوما بحكمهم ومطيعا لهم ومنفذا لإراداتهم لا آمرا عليهم وقاهرا لهم وبالجملة وظيفته وظيفة الوكيل والنائب لا وظيفة الولي والقيم لأن أصل إمامته كان باختيارهم وإرادتهم فلا يجوز أن يكون فعله مخالفا لهم وبذلك تعلم أن خلافة من نصبوه لا يمكن أن تكون بمعنى وجوب إطاعته وإنفاذ أمره والتسليم لحكمه بل بمعنى أن يستنبط رأيهم ويفتش عن رضاهم وإرادتهم وينفذ ما يريدون نظير الحكومة الديمقراطية أو الدستورية في عهدنا لأن هذا هو اللازم العقلي لنصب الخليفة ثم أنه لا يزيد على سائر مواطنيه بعد النصب في عقل وتدبير ودراية وسائر ما يوجب له تفوقا وإن سلمنا أنه فائق على كل واحد في جميع ذلك لكن لا يزيد عقل الواحد على عقل جميع الناس أيا ما كان سلمنا أنه أعقل من الجميع لكن لا يجوز له إنفاذ حكم عليهم بغير رضاهم بعد أن كان أصل نصبه برضاهم وبالجملة فنصب أحد بالاختيار وطاعته بالإجبار تناقض نظير صنع صنم بيد المخلوق ثم طلب الحاجة منه بعد الصنعة ووجوب الطاعة لا يتصور إلا للإمام المعصوم المنصوب من الله الذي له ولاية إنفاذ الأحكام على الناس سواء رضوا أو كرهوا. (ش)
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354