شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٩٦
النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه.
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله - إلى أن قال: - فقال عمر بن خطاب هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة» ومنها ما رواه الشافعي ابن المغازلي بإسناده إلى أبي هريرة قال: «من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فأنزل الله عز وجل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ومعنى الآية الكريمة بحسب تفسير أهل الذكر (عليهم السلام) اليوم أكملت لكم دينكم بولاية علي (عليه السلام)، وأتممت عليكم نعمتي بإكمال الشرائع بإمامة علي (عليه السلام)، ورضيت لكم الإسلام دينا بخلافته (عليه السلام)» والعامة لما لم يعرفوا ذلك اعترضوا بأنه تعالى لم يزل كان راضيا بدين الإسلام فلم يكن لتقييد رضاه باليوم فائدة، وأجاب القرطبي بأن معنى قوله: (رضيت لكم الإسلام دينا) أعلمتكم اليوم برضاي له دينا فلا يرد أنه لا فائدة لتقييد رضاه باليوم، فاعرف قبح الاعتراض وقبح توجيهه وكن من الشاكرين وسيجئ لهذا زيادة توضيح في محله إن شاء الله تعالى.
قوله: (وأمر الإمامة من تمام الدين) هذا متفق عليه بين الخاصة والعامة ولذلك بادروا بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله) قبل دفنه إلى نصب خليفة واعتذروا عن ذلك بأن نصب الإمام أهم من دفنه لئلا يخلو الزمان بلا إمام، وهذا الاعتذار دل على فساد مذهبهم، تأمل تعرف.
قوله: (فمن زعم) يعني من زعم أن الله تعالى يكمل دينه بنصب إمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد رد كتاب الله تعالى وكذبه في قوله (اليوم أكملت لكم دينكم) - الآية وقوله: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم) وقوله: (إنما وليكم الله) - الآية إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تمام الدين وكماله بنصب الإمام وتعيين الخليفة.
قوله: (فهو كافر به) (1) أي بالله وبكتابه والكفر بإحدهما مستلزم للكفر بالآخر.

١ - قوله: «فهو كافر به» إلى هنا استدلال من القرآن على وجوب نصب الإمام من الله تعالى وهو من أقوى البراهين وأوثق الحجج وهذه الرواية وإن كانت بحسب الإسناد مرسلة وضعيفة لجهالة عبد العزيز بن مسلم إذ لم يعرف إلا من هذه الرواية فقط لكن الاعتماد فيها وفي أمثالها على المعنى، وحاصل الحجة أن الإمامة مسألة من مسائل الدين وحكم من أحكامه وليست مسألة اجتماعية مفوضة إلى آراء الناس واختيارهم نظير أنهم كيف يجب أن يبنوا دورهم ويخيطوا ألبستهم ويزينوا محافلهم ويطبخوا أطعمتهم بل هو من تمام الدين بل من أهم مقاصده ولو لم تكن مسألة دينية جاز سكوت النبي (صلى الله عليه وآله) عنها وعدم نزول حكم من الله فيها كما يعتقد بعض الناس وكان على الناس أن يختاروا ما يستحسنونه ويرونه أولى وأحسن وأوفق لهم وإذا كان من الدين كما قال (عليه السلام) «أمر الإمامة من تمام الدين» فلابد أن يكون الدين كاملا عند موته، ولو لم يبين لكان الدين غير كامل عند رحلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا خلاف القرآن حيث قال: (اليوم أكملت لكم دينكم) ثم شرع (عليه السلام) بعد ذلك الحجة القرآنية في ذكر دليل عقلي على نصب الإمام من الله وهي أن الإمامة يشترط فيها شرائط لا طريق للناس إلى إحرازها للخلافة كالعلم والعصمة إذ لا يعلم هذه الملكات ووجودها في صاحبها إلا الله تعالى إذ هي ملكة خفية لا علامة لها ظاهرة بحيث يتيقن بوجودها نظير الشجاعة والسخاء والعدالة، ثم ذكر (عليه السلام) مفصلا الشرائط التي يجب إحرازها في الإمام التي يعرف المخالفون أن البشر لا يحيط علما باجتماعها في شخص وإنما العالم بها الله تعالى فقط واستشهد قبل تفصيل ذكر الصفات بنصب الله تعالى إبراهيم (عليه السلام) إماما ومن ذريته وبعد ذلك ذكر (عليه السلام) أدلة وبراهين على أن الإمامة من أهم المسائل الدينية ولا يحتمل أن تكون مسألة سياسية منفكة عن الدين كما يزعمه الجاهلون على ما يذكر إن شاء الله تعالى (ش).
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354