التي مضت (وفي هذا) القرآن (ليكون الرسول عليكم شهيدا) على الناس فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشهداء على الناس، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه.
* الشرح:
قوله: (امة وسطا) قال الجوهري: الوسط من كل شيء: أعدله وقال تعالى (كذلك وجعلناكم امة وسطا) أي عدلا، وقال ابن الأثير: كل خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان فإن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم وتجنبه بالتعري منه والبعد عنه فكل ما ازداد منه بعدا ازداد منه تقربا وأبعد الجهات والمقادير والمعاني من كل طرفين وسطهما وهو غاية البعد عنهما فإذا كان في الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمكان. ومما ذكره يظهر وجه تسميتهم وسطا ويظهر سر المثل المشهور «خير الامور أوساطها».
قوله: (نحن الامة الوسط) في بعض النسخ الوسطى، وكلاهما جائز كما مر.
قوله: (اركعوا واسجدوا) أي صلوا من باب تسمية الكل باسم أشرف أجزائه، وقال القاضي:
أمرهم بهما لأنهم كانوا يفعلونهما أول الإسلام وهو عندنا لم يثبت.
قوله: (واعبدوا ربكم) بسائر ما تعبدكم به أو اخضعوا وتذللوا له لأن أصل العبودية الخضوع والذل.
قوله: (وافعلوا الخير) كله مثل فعل المندوب وإغاثة الملهوف والأمر بالمعروف وتكميل الأخلاق إلى غير ذلك.
قوله: (لعلكم تفلحون) غاية للأوامر المذكورة أي افعلوا هذه الامور حال كونكم راجين للفلاح، غير متيقنين به ولا واثقين على العمل.
قوله: (وجاهدوا في الله) أي جاهدوا في سبيل الله أو لله خالصا الأعداء الظاهرة والباطنة مثل الكفار والنفس.
قوله: (حق جهاده) قال القاضي: أي جهادا فيه حقا خالصا لوجهه فعكس، واضيف الحق إلى الجهاد مبالغة، وأضيف الجهاد إلى الضمير اتساعا أو لأنه مختص بالله من حيث أنه مفعول لوجه الله ومن أجله.
قوله: (هو اجتباكم) أي اختاركم لدينه واصطفاكم لنصرته.
قوله: (إيانا عنى) أي إيانا أراد بهذا الخطاب والحصر باعتبار أن الإرادة تعلقت بهم أولا وبالذات وإن تعلقت بغيرهم ثانيا وبالعرض.