قوله: (ولم يجعل الله تعالى في الدين من ضيق فالحرج أشد من الضيق) الضيق بفتح الضاد وشد الياء، وقد تخفف، ولعل هذا تفسير لقوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وبيان أن المراد بالحرج هنا الضيق، وإذا انتفى الضيق في الدين انتفى الحرج بطريق أولى لأنه أشد من الضيق كما يشعر به قوله تعالى (يجعل صدره ضيقا حرجا) إذ الصدر الحرج هو الذي لا يقبل شيئا من الحق ولا يسع له لانتفاء ما هو محل له بخلاف الصدر الضيق إذ قد يقبل له قبولا ضعيفا لبقاء محل ما منه للحق ولعل الغرض من هذا التفسير هو الإشعار بأن اجتباء الإمام للناس سبب لانتفاء الحرج عنهم إذ لهم حينئذ إمام هاد يرجعون إليه في محل المشكلات وتوضيح المعضلات والله أعلم. قوله: (ليكون الرسول عليكم شهيدا) المقصود هو الإشارة إلى مضمون الآية كما مر وإلا فالآية: (ليكون الرسول شهيدا عليكم) (1).
* الأصل:
5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا.
* الشرح:
قوله: (إن الله طهرنا وعصمنا) أي طهرنا عن الأدناس وعصمنا من الأرجاس كما قال جل شأنه:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) لاتفاق الأمة إلا من شذ على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام، والروايات الدالة على ذلك من طرق العامة والخاصة متظافرة بل متواترة وسنبين ذلك كما ينبغي في موضعه إن شاء الله تعالى.
قوله: (وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه) كما قال جل شأنه (لتكونوا شهداء على الناس) وقال: (لئلا يكون للناس على الله حجة).
قوله: (وجعلنا مع القرآن) كما قال (صلى الله عليه وآله) «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وهما لا يفترقان حتى يردا علي الخوض» وقال أيضا «إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وأهل بيتي عترتي أيها الناس قد بلغت إنكم ستردون علي الحوض، فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان كتاب الله وأهل بيتي فلا تسبقوهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم» وسيجئ أيضا تحقيق ذلك في موضعه.