فمن صدق صدقناه يوم القيامة، ومن كذب كذبناه يوم القيامة.
* الشرح:
قوله: (امة وسطا) أي أشرف الامم وأفضلهم وخيارهم وأعدلهم، قال في المغرب: الوسط بالتحريك: اسم لعين ما بين طرفي الشيء كمركز الدائرة وبالسكون اسم مبهم لداخل الدائرة مثلا ولذا كان ظرفا فالأول يجعل مبتدءا وفاعلا ومفعولا به وداخلا عليه حرف الجر، ولا يصح شيء من هذا في الثاني تقول: وسطه خير من طرفه واتسع وسطه وضربت وسطه وجلست في وسط الدار، وجلست في وسطها بالسكون لا غير، ويوصف بالأول مستويا فيه المذكر والمؤنث والاثنان والجمع قال الله تعالى: (كذلك وجعلناكم امة وسطا) وقد بنى منه اسم التفضيل فيقال للمذكر الأوسط وللمؤنث الوسطى.
قوله: (ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه) لأنا نشهد لله على جميع الخلق بما دانوا وما فعلوا وبتبليغ الرسل قال صاحب الطرائف: روى الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي وهو من علماء المذاهب الأربعة بإسناده عن قتادة عن الحسن عن ابن عباس «أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأولاده هم الشهداء عند ربهم» قال ابن عباس: «هم شهداء الرسل على أنهم قد بلغوا الرسالة ولهم أجرهم».
قوله: (ملة أبيكم إبراهيم) قال المفسرون: هي بالنصب على المصدر لفعل دل عليه مضمون ما قبلها وهو قوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) أي وسع دينكم توسعة ملة أبيكم، أو على الإعزاء والاختصاص.
قوله: (إيانا عنى خاصة) أي إيانا عني بهذا الخطاب خاصة لا جميع الامة كما زعم باعتبار أن إبراهيم كان أبا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أب لامته من حيث أنه سبب لحياتهم الأبدية فإبراهيم أب لامته أو باعتبار التغليب لأن أكثر العرب كانوا من ذريته فغلبوا على غيرهم، ولا يخفى بعد هذا وقرب ما ذكره (عليه السلام).
قوله: (هو سماكم المسلمين) من قبل القرآن في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن عطف على قوله من قبل والضمير لله تعالى كما صرح به المفسرون وقالوا يدل عليه أنه قرأ (الله سماكم) وعوده إلى إبراهيم يدفعه قوله: وفي هذا القرآن لأنه لم يسمهم مسلمين فيه.
قوله: (ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس) والمقصود هنا هو الإشارة إلى مضمون الآية ولذا لم يذكر تمامها إحالة إلى فهم المخاطب، واللام في قوله (ويكون) متعلق بسماكم أي سماكم المسلمين ليكون الرسول يوم القيامة أو في هذه الدار أيضا شهيدا عليكم